الأحمد يلتقي القنصل العام البريطاني لدى فلسطين    "هيئة الأسرى": الأسير فادي أبو عطية تعرض لتعذيب وحشي أثناء اعتقاله    سلسلة غارات للاحتلال تستهدف مناطق متفرقة في لبنان    رام الله: قوى الأمن تحبط محاولة سطو مسلح على محل صرافة وتقبض على 4 متهمين    أبو الغيط: جميع الأطروحات التي تسعى للالتفاف على حل الدولتين أو ظلم الشعب الفلسطيني ستطيل أمد الصراع وتعمق الكراهية    قوات الاحتلال تغلق حاجز الكونتينر شمال شرق بيت لحم    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم جنين لليوم الـ34    لليوم الـ28: الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها    الاحتلال يقتحم قباطية ويجرف شوارع ويدمر البنية التحتية    الطقس: فرصة ضعيفة لسقوط الامطار وزخات خفيفة من الثلج على المرتفعات    الاحتلال يؤجل الافراج عن الدفعة السابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    شهر من العدوان الاسرائيلي على مدينة ومخيم جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم وسط اعتقالات وتدمير واسع للبنية التحتية    الرئيس يصدر قرارا بتعيين رائد أبو الحمص رئيسا لهيئة شؤون الاسرى والمحررين    معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال  

معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال

الآن

"دولة الوعد" والدولة التاريخية - موفق مطر

قد لا نبالغ اذا قلنا أن بريطانيا العظمى قد اختلقت مبررات نشوء الجماعات الدينية الارهابية التي نشهدها اليوم منذ اللحظة الأولى التي قررت فيها انشاء دولة دينية (دولة لليهود) في قلب الوطن العربي، اذ كان بديهيا نشوء جماعات وأحزاب وحركات بشعارات دينية لتواجه الدولة اليهودية الناشئة في المنطقة، وليس غريبا ان ما تشهدة المنطقة العربية من حركات وتنظيمات وجماعات دينية متطرفة اليوم، هي تفريخ جماعة الاخوان المسلمين التي نشأت بعد وعد بلفور بعقد واحد، وبداية وصول طلائع المستوطنين اليهود من اوروبا الى فلسطين.
فهل يعدنا العالم، وتعدنا بريطانيا بالعمل على غسل العار الذي ارتكبته بحق الانسانية عموما وشعب فلسطين خصوصا، فما نريده ليس عسيرا على الأب الروحي للحركة الصهيونية العالمية العارف بكل اسرارها منذ ولادتها حتى اليوم.
ما نريده اعترافا بالحقيقة الفلسطينية، وبأن هذه الأرض أرض الفلسطينيين قد سلبت منهم، وأنهم كانوا من أحسن المتعاطفين مع المعذبين من اليهود في دول العالم، وانهم قد غدروا بالفلسطينيين، وإنهم يريدون اليوم تصحيح خطيئتهم باعتراف كامل بدولة فلسطينية ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران بعاصمتها القدس الشرقية، لعل الفلسطينيين يغفرون.
لعل التصويت الرمزي لمجلس العموم البريطاني على قرار يعترف بالدولة الفلسطينية يقظة ضمير ولو بعد حوالي المئة عام على جريمة بريطانيا العظمى بوعد اليهود في العالم بأرض لا يملكونها .. وان كنا نعتقد ان شعب فلسطين لن يغفر للأمبراطورية التي لم تكن تغرب عن اراضيها الشمس يوم اختارت أرضهم ليسلبوها منهم ويمنحوها لغرباء لا يعرفونها، ولا تربطهم بها صلة.
تدل كل وثائق الأمبراطورية البريطانية أن فلسطين كان مسمى هذه الأرض المعروفة بحدودها الجغرافية، أما ما أدخل على مكتبة الخرائط العالمية، أو ما سمي بالأبحاث، وبعض الزيادات الممنهجة في الكتاب المقدس، فانه جاء كارهاص ومقدمات ومبررات لإنشاء دولة لليهود، فيما الانجليز - وهم أهل ثقافة وعلم وأدب وفكر سياسي - يعلمون جيدا أن اليهودية عقيدة دينية، لم تكن يوما ما قومية، ما يعني ان بلفور الذي كان أراد التخلص من اليهود الانجليز والأوروبيين الفقراء ، كضربة وقائية استباقية حتى لا يكونوا جنودا "للثورة البلشفية" باتفاق مع كبار الرأسماليين اليهود في اوروبا، قد رأى فيهم فرصة انشاء قاعدة متقدمة في المنطقة الفاصلة بين الشطرين الآسيوي والأفريقي من الوطن العربي، اثر اشتمام رائحة النفط في الجزيرة العربية وبدء تشقق وانكسار الامبراطورية العثمانية، وانفكاك شعوب عربية عنها، واتجاها نحو بناء الدولة الوطنية، في ظل تنامي مفاهيم القومية العربية.
يمكننا القول ان ساسة بريطانيا في ذلك الوقت قد ارتكبوا جريمة مزدوجة بحق الانسانية، الاولى وهي الأعظم انهم كانوا السبب الرئيس لنكبة شعب فلسطين، ومحاولة اقتلاعه من جذوره الممتدة الى فجر التاريخ على ارضه بأشكال حضارية ومدنية، يعرفها جنرالات الانتداب البريطاني، والباحثون الانجليز، أما شعب المملكة المتحدة فان الحجاج منهم الى الأراضي المقدسة فلسطين، الى المهد في بيت لحم، والقيامة في القدس، والمغطس في الأغوار فإنهم يعرفون الشعب الأمين على هذه المقدسات، أما الملامح الحضارية المدنية لفلسطين، فان كل الدعاية الصهيونية لم تفلح في تحريف واقع الشعب الفلسطيني الذي كان على قدر من التقدمية والتحرر الثقافي الى حين اعلان انشاء دولة اسرائيل، حيث حلت (الدولة الموعودة) مكان الدولة التاريخية والطبيعية للفلسطينيين، والتي ذابت حدودها ضمن واقع الدولة العثمانية المسيطرة حينها على كل البلدان المعروفة اليوم بالوطن العربي، ما يعني انها أمبراطورية التاج البريطاني كانت المسؤولة عن محاولة ابادة شعب فلسطين لصالح تحويل اليهود الى شعب ، وتهجير اليهود من دول العالم تحت ضغوط سياسية واقتصادية وامنية واجتماعية، وتصعيد النعرات الدينية ضدهم لتسهيل عملية استيطانهم في فلسطين، والجريمة الموازية كانت بحق الفكر السياسي الانساني عندما ساهمت بإعادة تخليق الدول الدينية، بعد ذوبان آخر ملامحها في اوروبا منذ عقود، وتحطم آخر جدرانها في المنطقة، أي بتفكك الدولة العثمانية وهزيمتها.

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025