تحريض ونص ! د. صبري صيدم
يجب أن يعد كل منّا كلماته عندما يتحدث عن الاحتلال خاصة عندما ندعو لإنهائه عملاً بقررات الشرعية الدولية والأعراف الآدمية. هكذا تريدنا إسرائيل ضحايا بلا أنين.
بمطالبة أي منّا بإزالة الاحتلال والمستوطنات وجدار الفصل العنصري ووقف تهويد القدس وسرقة المياه والأرض والمنازل ورفع الحصار عن غزة فنحن محرضون بامتياز.
فمنهاجنا المدرسي وتأدية العزاء لأسر الشهداء وعيادة ذوي الأسرى والتفكير بالتوجه إلى مؤسسات الأمم المتحدة ووقف المعتدين على المساجد والكنائس كله بالنسبة للاحتلال تحريضٌ بتحريض.
فلوا اخترنا الاحتجاج محلياً عبر المقاومة الشعبية، أو دولياً عبر حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات من دولة الاحتلال، أو دبلوماسياً عبر دعوة الدول للاعتراف بدولة فلسطين فنحن كلنّا وبالاعتبارات الإسرائيلية محرضون بامتياز.
ولو أن طفلاً فلسطينياً ثار لشرفه وعرضه وكرامته فأوقف مستوطناً ما في قرية ما أو حيٍ ما فهذا اعتداء على مدنيين إسرائيليين أبرياء. وحتى أن ترمي حجراً صغيراً فإنك ستحبس قريباً لسنواتٍ طوال لتعرضّك للاحتلال.
إذن, الضحية التي قبعت تحت نير احتلالٍ غاشم لعقودٍ طويلة هي المحرّض والمجرم والمخرب والقاتل والإرهابي بينما الاحتلال وكما تريدنا إسرائيل الظالمة أن نراه: حملٌ وديعٌ أليفٌ يجب أن تنحني احتراماً له.
العجيب في معادلة 'الاعوجاج' القائم تاريخياً هو اتهامنا كفلسطينيين باللاسامية والعنصرية وتعرضنا لحرية الأديان كما ورد على لسان الناطق الصهيوني باسم رئيس حكومة الاحتلال خلال لقاءٍ إذاعيٍ صباحي أجراه لصالح ما يسمى صوت إسرائيل حيث عرج على غضب الحكومة الاسرائيلية العارم على أبو مازن على حد قوله بسبب رسالة أرسلها أبو مازن لعائلة معتز حجازي الذي قتلته إسرائيل دون محاكمة بحجة محاولة اغتياله للحاخام المسؤول عن اقتحام المسجد الأقصى.
الناطق المأزوم يتهمنا بالعنصرية والتعدي على حرية الأديان فهل يكفي سؤاله عن احتلاله ومستوطناته وجداره وتهويده وحصاره وحواجزه وهوياته الخضراء والزرقاء التي تميز بين الناس، وشوارعه المخصصة للعرب وتلك المخصصة لليهود من مستوطنين وغيرهم، والأنفاق التي تربط قرانا الفلسطينية لمنع العرب من استخدام الشوارع 'الإسرائيلية' والقوانين العنصرية ومنها ما يمنع المتزوجين الفلسطينيين ممن يعيشون في الداخل الفلسطيني وخارجه من حقوق الإقامة والتجنس ولم الشمل وقائمة لا تنتهي من القوانين العنصرية. وهل يشبعنا سؤاله عن قانون منع الآذان في المساجد العربية في الداخل بحجة الإزعاج؟ وماذا عن التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى؟ وتهجير البدو وسكان الأغوار الفلسطينية من أرضهم هل لكل هذا علاقة يا ترى بالعنصرية والتعدي على الأديان أم ماذا؟ ومن هم يا ترى ملوك التحريض والتحريض ونص؟
الجواب ببساطة عند أولئك الذين يعترفون تباعاً بفلسطين ويسحبون ضمناً اعترافهم بدولة الاحتلال.