احتجاج على الدور والمعنى
من المدهش ان نرى اسرائيل اليوم وقد باتت "مزاجية" الى هذا الحد، الذي لم تعد تحتمل فيه اية كلمة من الرئيس ابومازن، حتى كلمة التعزية التي ابرقها لذوي الشهيد معتز حجازي، ونقول من المدهش لأن هذا يظهر الى أي مدى باتت الكلمة الفلسطينية، وبخاصة الانسانية منها، كلمة تخلخل حتى تماسك الجهاز العصبي الاسرائيلي ..!!
وعلى ما يبدو أن الامر ليس أمر " مزاج " فحسب، بل هناك الفكرة العنصرية والتي لا ترى ضحية خارج توصيفاتها، وهي فكرة فاشية في جوهرها، والتي كشف شاعرنا الكبير محمود درويش عن وجهها القبيح حين قال في "مديح الظل العالي" سرقت دموعنا يا ذئب / تقتلني وتدخل جثتي وتبيعها" ...!!
لا تريد لنا اسرائيل المستوطنين واليمين المتطرف، ان نبكي شهداءنا ونعزي بهم، لا تريد لنا شهداء وضحايا، كي لا تتكشف اكثر واكثر جريرتها العنصرية، وبمعنى انها باحتجاجها وغضبها على بكائنا الانساني، تريد ان تبقى وحدها الضحية امام الرأي العام العالمي وامام جمهورها، ومن اجل خديعة "الغيتو" وفبركاتها.
احتجاج اسرائيل على برقية الرئيس ابو مازن، هو احتجاج على الدور والمعنى، الدور التحرري والمعنى السياسي في بعده الانساني الذي يواصله الرئيس وهو يكرس تباعا "المظلومية الفلسطينية" الحقيقة والواقع لدى الرأي العالم الدولي، وخاصة في مؤسساته الشرعية ومنظماته الفاعلة، المظلومية التي سببها الاحتلال الاسرائيلي، والتي لا يمكن انهاؤها من غير زوال هذا الاحتلال، واسترداد الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة واقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.
يبقى ان الشهيد معتز حجازي ليس ارهابيا، وهو ابن مدينة لا تزال محتلة، وكل الشرائع والقوانين والاعراف الدولية والانسانية وحتى السماوية، تجيز له مقاومة المحتل ومجموعاته المتطرفة، خاصة هذه التي تريد طمس هوية مدينته وغربنتها واحتكارها باسم العقيدة، وهذا ما كان المتطرف " يهودا غليك " يسعى اليه في المدينة المقدسة، التي ينطق كل حجر فيها بهويتها العربية الفلسطينية والانسانية بسماحة رسالتها السماوية، والمعنى ان التطرف الاستيطاني الذي يريد الاستحواذ على المدينة المقدسة، هو السبب وهذا ما ينبغي ما يثير الغضب، لا برقية التعزية التي ارادت ان تربت على اكتاف ذوي الفقيد، لعلها تخفف من حزنهم قليلا وتلهمهم المزيد من الصبر والسلوان.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير