منصة العزيمة الوطنية...
التفجيرات الارهابية التي استهدفت مكاتب ومنازل وسيارات لقيادات فتحاوية في غزة، والأخطر التي دمرت منصة ياسر عرفات في ساحة الكتيبة التي اقيمت لاحياء الذكرى العاشرة لرحيله المر، والتي اراد هذا التدمير اغتيالا آخر للزعيم الخالد، هذه التفجيرات هي على نحو ما، ذات تفجيرات الاحتلال الاسرائيلي الارهابية المتواصلة في القدس المحتلة، لا بسبب تزامنها فقط مع هذه التفجيرات، وإنما ايضا بسبب غاياتها الرامية كتحصيل حاصل، الى تشتيت الجهد الوطني، في تحركاته ومواقفه الرئاسية والقيادية والحكومية والحركية والشعبية، والساعي لمواجهة التصعيد الاسرائيلي الخطير في المدينة المقدسة، وكذلك الرامية الى تشتيت هذا الجهد، الهادف الى انهاء الانقسام، وتعزيز الوحدة الوطنية، والتسريع في عملية اعادة اعمار ما دمره العدوان الاسرائيلي الأخير في قطاع غزة.
ولا يخفى على أحد ان تشتيت هذا الجهد الوطني وضرب فعالياته، هو هدف اسرائيلي بامتياز، سواء تقصدت هذه التفجيرات الارهابية تحقيق هذا الهدف أم لم تتقصد تحقيقه، لأن المحصلة في غاياتها واحدة. وبالطبع لن يصدق أحد أن هذا البعبع الذي اسمه داعش، وبات معروفا أنه محض صناعة مخابراتية شريرة، هو من يقف وراء هذه التفجيرات الارهابية، وعلى الأغلب فان مصنعي هذا البعبع هم من اشاروا على منفذيها، القول ان داعش قد نفذها، أو لعله التماهي مع خطاب الخديعة السائد في المنطقة بهذا الشأن...!! الخديعة التي باتت ممجوجة لشدة انكشافها، والواقع ان غزة خاصة بعد العدوان الاسرائيلي الأخير، لا تحتمل أيا من الجماعات الارهابية ولا أي عمل من اعمالها، وهي تتطلع بأهلها المنكوبين الى عملية اعادة الاعمار، والى الجهد الوطني بكل سعيه المخلص والحثيث، لتحقيق هذه العملية بأسرع وقت ممكن، وبكلمات اخرى أكثر واقعية، غزة المكلومة لا تريد جراحا اخرى في جسدها المثخن بالجراح، التي سببها العدوان الاسرائيلي، عدا عن انها تسعى بالمصالحة الوطنية الى بلسمة جراح روحها، التي سببها الانقسام المرير طوال سبع سنوات، وبالقطع فان من يتحكم بالأمن "حتى الآن في غزة، لم ير ذلك، ولن يرى ذلك طالما ظل قراره قرارا خارجيا لا علاقة له بالمصالح والأهداف الوطنية الفلسطينية العليا، ولهذا فهو سمح بهذه الصورة أو تلك لهذه التفجيرات ان تكون، ونستخدم كلمة سمح هنا لأننا حتى اللحظة، لا نريد أية عصي بين دواليب عربة انهاء الانقسام، كي تمضي بثبات في دروبها الصحيحة، لكن الموقف الوطني المسؤول يتطلب منا ايضا الوضوح ووضع النقاط على حروفها في هذا الاطار، ولهذا فإن من سمح بهذه التفجيرات الارهابية وهو الذي يتحكم بالأمن في غزة، يتحمل مسؤوليتها وكاملة، ولا نتحدث عن اشباح هنا يتحكمون بالأمن، انها حركة حماس، نقطة وأول السطر كما يقال، وبمثل هذا السماح الجريرة، فإن حماس قد ضربت عميقا أسس المصالحة الوطنية وأضرت بعلاقاتها مع الكل الوطني، لا مع حركة فتح وحدها، بدلالة ادانة القوى والفصائل الوطنية جميعها للتفجيرات الارهابية، وهي الادانة التي قالت بكلمات لا لبس فيها، ان هذه العمل المشين والمرفوض جملة وتفصيلا، سيؤثر على سلامة عملية انهاء الانقسام، بقدر ما سيؤثر على عملية اعادة الاعمار.
يبقى أن منصة ياسر عرفات، ليست منصة من حجارة وخشب، هذه التي نسفتها التفجيرات الارهابية، انها منصة الروح الوطني بوفائه لذات العهد والقسم الذي طالما تمسك به وردده ياسر عرفات، انها المنصة التي ترفعها العزيمة الوطنية لتؤكد ثباتها على المبادئ والأهداف التي استشهد ياسر عرفات في سبيلها ومن أجلها، انها منصة التحدي والاصرار على المضي في دروب الحرية ذاتها التي مشاها الزعيم الخالد بعد ان شقها واخوته ورفاقه في حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، وانها منصة فلسطين كلها، منصة شعبها المقاوم البطل وهذه منصة ليس بوسع اية متفجرات ان تدمرها ولا بأي شكل من الأشكال، مثلما انه لن يكون بوسعها ان تفجر احياء الذكرى العاشرة والذي سيكون في مكانه وزمانه أيا كانت الصعوبات والعراقيل، ومهما كان هناك من متفجرات لا وطنية.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير