من يخشى المليون؟- حافظ البرغوثي
هناك من خشي مليونية جديدة في غزة فعمد الى التخويف الداعشي بتفجير منازل وسيارات قادة من فتح قبل أيام من الاحتفال بالذكرى العاشرة لاستشهاد القائد ياسر عرفات.
فأجواء المصالحة بين حماس وفتح تبدو مكفهرة وعاد قادة من حماس الى توجيه الاتهامات لفتح ورئاستها بالنكوص عن المصالحة وعدم ارسال الأموال للوزارات وعدم البدء بإعادة الاعمار وكأن المال بيد السلطة والإعمار تقرره بكبسة زر، وخرجت ثلاثة تصريحات قاسية على لسان قادة من حماس تتهم الرئيس أبو مازن بأنه فرعون ودكتاتور ورئيس فاقد الشرعية على لسان خليل الحية وفوزي برهوم وصلاح البردويل إضافة الى تصريحات أكثر قسوة طالت الدكتور الحمد الله ايضا، وتزامنت مع حملة تصريحات مماثلة شنها قادة اليمين الاسرائيلي تتهم الرئيس بالتحريض على العنف والقتل في القدس بلسان نتنياهو وبينيت وليبرمان ووزير الأمن الداخلي الاسرائيلي.
كان مقرراً أن يتوجه رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله الى غزة لعقد اجتماع مع مسؤولين دوليين في منزل الرئيس أبو مازن وبحث خطوات اعادة الاعمار، وكان مقرراً أن يتوجه الى غزة وفد من قادة فتح للقاء قادة من حماس ثم المشاركة في احتفال ذكرى مرور عشر سنوات على رحيل المؤسس الشهيد ياسر عرفات ابن غزة، لكن التفجيرات ألغت كل ذلك الا أن الاحتفال ظل ضمن جدول حركة فتح في غزة، وحاول البعض الايهام أن التفجيرات ضمن الصراع الداخلي لفتح مستندين الى رسائل مشبوهة وصلت الى شخصيات وكوادر من فتح لكن هذا الخلاف مهما كان لا يطال رمزية أبو عمار. فالذين فجروا هم من أرسل الرسائل وتحت جنحها قاموا بفعلتهم.
فالتفجيرات مبرمجة بطريقة تؤكد أن من قام بها يحظى بدعم أمني داخل أجهزة حماس ولا يمكن لجهة ثانية تنفيذها، حيث ان أمن حماس متيقظ وقادر على رصد أية تحركات في غزة وما يؤكد ذلك أن حماس عادت الى فرض الاقامة الجبرية على نشطاء فتح لمنع مشاركتهم في الاحتفال.
حماس عملياً منقسمة داخلياً بين تيار مؤيد للمصالحة والمضي بها الى النهاية باعتبارها ضرورة لتحسين العلاقات مع مصر وصولاً الى اعادة الالتحاق بالتحالف المتصلب مع ايران وسوريا وحزب الله، والتيار الثاني هو تيار قطر تركيا الذي ما زال يخضع لسلطة التنظيم العالمي للاخوان، لكن التيارين لا ينظران الى حركة فتح نظرة الشريك بل الخصم الذي يحظى بشعبية واسعة ويستطيع أن يحشد مئات الألوف دون أن يكلف نفسه عناء الحشد والنفير.
ففي الوضع الحالي في غزة، حيث التردي المعيشي وصل ذروته بعد العدوان، وعدم قدرة حماس على ادارة الأمور بحكمة، تحاول تصدير أزمتها الى غيرها، ويمكن توقع تفجيرات كهذه لمنع الخروج الشعبي الكبير في ذكرى قائد ومؤسس ظل على العهد والقسم حتى آخر رمق في حياته.
فالراحل العظيم ما زال موضع حسد وغيرة لكونه ظل يحظى بهذا التأييد الشعبي الجارف فهو صاحب براءة بعث الهوية الفلسطينية والبندقية الفلسطينية والصمود الفلسطيني وصاحب المشروع التحرري الفلسطيني الذي ما زال حياً في النفوس.
فالتفجيرات لن تردع أبناء شعبنا عن السير على خطاه وتخليد ذكراه وهو الذي رحل وفي نفسه شيء من القدس الشريف لا غيرها.