اللحظة السياسية .. الطبيعة والموقف
انتهت ما "أحب" البعض وصفه بالازمة النقابية، وعلى نحو اتضح تماما انها لم تكن أزمة ولا هم يحزنون، بدلالة هذا الافراج السريع والحنون، عن الموقوفين، وبهذا المعنى ولهذا السبب، لم يكن هذا الوصف دقيقا تماما، ولا صحيحاً، حينما لم يقرأ على نحو مسؤول طبيعة اللحظة السياسية الراهنة، وتحدياتها التي تفرض عدم تشتيت الجهد الوطني في تحركاته الاستراتيجية الرامية لمجابهة هذه التحديات.
نعني أننا في خضم معركة سياسية بالغة الأهمية، لاتحتمل غير وحدة الموقف والخطاب والسلوك الوطني وفي الاتجاهات كلها، التي تعزز قوة الموقف الوطني في هذه المعركة من اجل الانتصار فيها، وخاصة في مجلس الأمن الذي سنذهب اليه بعد قليل، لعلنا ننتزع ما نتطلع اليه من قرار تاريخي يضع سقفا زمنيا لإنهاء الاحتلال، ولأن ثوابتنا لم تتغير كما أعلن الرئيس أبو مازن يوم أمس في كلمته بذكرى اعلان الاستقلال، وهي انهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشريف، ثم هناك التصعيد الاسرائيلي الخطير في القدس المحتلة، والذي يتطلب استنفار كل الطاقات الوطنية للتصدي له دفاعا عن المدينة المقدسة وحماية لها.
وبمعنى آخر وبكلمات أكثر وضوحا، فإن اللحظة السياسية الراهنة هي لحظة العمل الوطني من اجل الاستقلال، التي لا تقبل "المزاودة" بالمواقف النقابية أو غيرها، أيا كانت طبيعتها واحقيتها، عدا انها لا تقبل بتصعيداتها "الاضرابية" التي باتت في غير موضعها، خاصة وهي تحيل يوم الاضراب الى يوم عطلة، ومدفوعة الأجر ايضا كمكافأة على الاضراب..!! ونعرف ان الاضرابات لا تعني مغادرة موقع العمل بل التواجد فيه، لا بل والاصرار على هذا التواجد لايصال رسالة الاضراب والمضربين.
أكثر من ذلك لم يقرأ الذين ذهبوا الى "تأزيم" الموقف على النحو الذي انتج تصريحات وخطباً انفعالية، طبيعة اللحظة السياسية الراهنة في بعدها الاسرائيلي المحموم، وهو يواصل تحريضه الممنهج ضد الرئيس ابو مازن وهو التحريض الذي يتقاطع على اقل تقدير، مع التحريض الحمساوي مع الأسف الشديد، والهادف الى تغييب الرئيس أبو مازن، بشتى الطرق وأولا بمحاولة اغتياله سياسيا ومعنويا، لتخلو الساحة الفلسطينية من المشروع الوطني الفلسطيني وهجومه السياسي البارع، لصالح المشاريع المضادة له، التي لا تريد لا حرية ولا دولة لشعبنا الفلسطيني.
الأمر اذا هو أمر قراءة خاطئة، لكننا في مثل هذه اللحظة السياسية الراهنة، لا نستطيع احتمال القراءات الخاطئة، وعليه لا بد من المراجعة النقدية التي بوسعها ان تعيد الأمر الى نصابه الصحيح حتى أمر الاعتراض المسؤول ايا كانت طبيعته.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير