اسرائيل وإنهيار الاكاذيب الكبرى !!!- يحيى رباح
فجأةً, ودون مقدمات, أصبحت الاتهامات العجيبة والخطيرة التي وجهها نتنياهو ومعظم إئتلافه الحكومي, هي نقطة الارتكاز الرئيسية للسياسة الاسرائيلية في مواجهة التطورات الجارية في المنطقة والعالم, ماهي مشكلة نتنياهو بالضبط, لماذا يتحدث نتنياهو واعضاء إئتلافه وخاصة وزراءه من سكان المستوطنات غير الشرعية, وكانهم اكتشفوا السر الرهيب ؟ مع العلم ان الرئيس ابو مازن هو الشخصية السياسية الفلسطينيه الاكثر معرفةً وحضوراً لدى اللاعبين السياسيين الاسرائيليين منذ خمسينيات القرن الماضي عندما كان احد المؤسسين البارزين للحركة الوطنية الفلسطينية وخاصة حركة فتح, التي كان جوهرها منذ اللحظة الاولى هو قيامة فلسطين من جديد كياناً ودولةً وهويةً وطنية, وان الرئيس ابو مازن ظل دائماً منذ تأسيس فتح وانطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة, هو الاكثر اندماجاً في العمل السياسي الفلسطيني المتعلق بالقضية من كافة جوانبها, فلماذا هو الان من وجهة نظر نتنياهو وبقية جوقة اليمين الديني والعلماني في اسرائيل هو السبب وراء كل اخفاق اسرائيلي, ووراء كل انكشاف اسرائيلي, ووراء كل هذا السقوط للرواية الاسرائيلية ؟؟؟
ومن البداية :
فان هذه الاسئلة البسيطة والعميقة في آن واحد, تدخلنا في لب الموضوع, وهو ان اسرائيل التي تدعي منذ قيامها انها ضد التاريخ وفوق التاريخ, وانها هي وعد إلاهي وحدها فقط, وانها لا تنطبق عليها قوانين الارض بل تستمد قوانينها من ذاتها, ومن شريعة التوراة, وجغرافية التوراة الغامضة, بل ان اسرائيل استغلت التقارب الشديد بين اللغتين الارامية والعبرية لتسد الفراغات الهائلة في رواياتها غير المنطقية !!!
ولكنها الان, في هذه اللحظات, تواجه الاختبار الاكبر والاخطر، وهو سقوط رواياتها وادعاءاتها, وتواجه الملل والشعور بالعبء والقرف من اقوى الذين ساعدوها على الوجود, وانه رغم ابتلاء المنطقة بهذ ا البلاء الذي اسمه الاسلام السياسي بكل مكوناته ورداءاته ابتداء من الاخوان المسلمين واتحادهم العالمي اتحاد علماء المسلمين الذي ادرجته دولة الامارات العربية المتحدة ضمن 83كياناً وتنظيماً تحت قائمة الارهاب, وهذا قرار شجاع يستحق الشكر والاشادة, ويستحق ان نقيم له احتفاءات كبيرة لتعميق معانيه, نقول رغم ذلك كله فان مكونات الزمن السياسي الراهن بكل تفاصيلها تنقلب الان ضد الرواية الصهيونية, وان اسرائيل لم توجد ضد التاريخ, بل هي من صناعته وانتاجه بنسبة مائة بالمائة, وان تلك الخرافات كانت لازمة في زمن المد الاستعماري, فقامت اسرائيل, وليس في الامر عبقرية من اي نوع ولا وعود الهية من اي نوع !!! وعندما حدث هذا التحول التاريخي في المنطقة, فإن اسرائيل وجدت نفسها وقد بدأ يتساقط عنها كل الاوهام التي كانت تختبئ وراءها .
منذ عقد المؤتمر الصهيوني الاول في بازل بسويسرا عام 1897م, اي قبل مائة وسبعة عشر عاماً, كان هناك حوار بين اقطاب الحركة الصهيونية بينهم وبين انفسهم, وبينهم وبين اقطاب العالم الذين كانوا يديرون السياسة الدولية مثل بيلفور واللورد روتشيلد وغيرهم, ولكن الان, وبهذ المستوى المتدني المنغلق من القيادة الاسرائيلية, وخاصة انغلاق نتنياهو وإئتلافه على انفسهم, فانه لا حوار, انهم لا يتحاورون حتى مع الشعب الاسرائيلي رغم الشكل الزائف للديمقراطية, ولا يتحاورون مع المنطقة التي يتواجدون فيها, ولا يتحاورون مع جيرانهم الفلسطينيين الذين يعيشون معهم فوق نفس الارض ويمثلون اكبر حقائق التاريخ في المنطقة وليسوا مجرد اوهام, وهؤلاء الفلسطينيون اصحاب الارض الحقيقيون يغضبون مما يفعله الاسرائيليون بهم, ويغضبون من هذا الاستهتار في السلوك الاسرائيلي, هؤلاء الفلسطينيون هم جيران اسرائيل في نفس الارض التاريخية, فكيف لا يغضبون حين تسرق ارضهم امام اعينهم, وحين يتم احراق ابنهم محمد خضير, وحين يتم شنق ابنهم يوسف الرموني, وحين يتعرض الاقصى لهذا التدنيس المستهتر وهذ الاستفزاز البشع من المتطرف الاسرائيلي ( غليك) ومن هم على شاكلته, ومن ملايين التفاصيل التي تشمل جماعة تدفيع الثمن الارهابية, وجماعات احراق مساجد القرى, والاعتداء على الاطفال الصغار, وقوانين منع الاذان في المساجد لانه يزعج المستوطنين سارقي الارض !!! ويغضبون لقتل وجرح اربعة عشر الفا من اهلهم في قطاع غزة, وتدمير ستين الفا من بيوتهم وإعادة تشريدهم في المكان المخنوق من شدة الزحام والحصار في قطاع غزة, وتركهم بلا اي بصيص امل !!! فلماذا انتم يا قادة اسرائيل متفاجئون من هذا الغضب ؟
مع ان هؤلاء انفسهم حين تم التوقيع على اتفاقيات السلام في عام 1993م وضعوا الورود واغصان الشجر الاخضر على دروع دباباتكم على وعد السلام !!! فهل انتم كائنات عجيبة خارج هذ الكون لا تحملون انفسكم ادنى مسؤولية ؟
هل انتم فوق كل مسؤولية ام اقل من اي مسؤولية ؟
قولوا لنا وللعالم من انتم على وجه التحديد .
انتم لستم ضد التاريخ
انتم لستم فوق التاريخ
انتم جزء من مسار التاريخ رغم انوفكم, والتاريخ الان وقد امتلأ بمكونات جديدة, وتغيرت فيه المصالح الكبرى, يعرض عليكم ان تتغيروا فلماذا لا تفعلون ؟
افتحوا حواراً مع انفسكم, فاسرائيل ليست فقط نتنياهو وليبرمان وبينت ويعلون وبقية الشلة من مطلقي اللعنات البلهاء, ومنشدي الاتهامات الغبية التي تقول ( عباس حماس وحماس عباس) فمن ذا الذي يصدقكم ؟
يا قادة اسرائيل :
هل معقول انه بعد اقل من اربع وعشرون ساعة على الاتفاق الذي تم بحضور كيري وجلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس ابو مازن وبن يامين نتنياهو, على العمل من أجل التهدئة في القدس والمسجد الاقصى, تتركون قطعان المستوطنين يشنقون يوسف الرموني, ويجتاحون باحات الاقصى ويبنون مستوطنات في القدس, ويهدمون مساكن, ويحرقون اشجارا ... الخ فهل هناك ارهاب فوق هذا الارهاب ؟؟؟
Yhya_rabahpress@yahoo.com