أبو هزاع - محمود ابو الهيجاء
لكل امرئ من اسمه نصيب، واكثر ما يصدق هذا المثل العربي البليغ، على المناضل الكبير "احمد هزاع شريم" وأفضل الاسماء واجملها كما تعرفون ما حُمد وعُبد، واحمد في فقه اللغة وصحيحها، هو من تحلى بأفضل الصفات، ولهذا يحمده الناس، فيسمى احمد، وما رأيت وما سمعت احدا لا يحمد بهذا الرجل، الذي التقيته مرات قليلة، ولم اكن في كل مرة قادرا على الاحاطة به، لاتساع حضوره الانساني بالغ الحنو والبساطة والوضوح والقوة معا، اكثر من ذلك لطالما كنت مأخوذا بكنيته: ابو هزاع، وهزاع كما يقول معجم اللغة العربية، هو السهم الوحيد الباقي في جعبة الفارس، ويقول المعجم انه الاسد ايضا، وهكذا كان احمد هزاع شريم، الاسد والسهم المفرد في الجعبة، التي احبت كتف حاملها.
في وداعه صارت قلقيلية كأنها مجمع ابناء فلسطين، الذين جاءوا من كل حدب وصوب، جاءوا لا من اجل رثاء مجرح، قرب حفنة التراب الموجعة، بل ليؤكدوا عهد الوفاء والمحبة، لمناضل لم يكن يسعى لغير المحبة والوفاء، المحبة لفلسطين واهلها ولمشروعها التحرري الخلاق، وحركتها الوطنية الشجاعة، والوفاء لمسيرتها النضالية الفذة وشهدائها البررة.
في وداعه لم تبك قلقيلية ولا فلسطين كلها ذاك البكاء الكسير، بل ابرقت العيون بدمع الفخر والعز، بمناضل اثرى مسيرة الحرية بحنوه وصدقه وطيبته وصواب رؤيته، وقد جاء كل هذا الحشد العظيم ليرفع نعشه عاليا، كمثل راية، وليغرس جثمانه الطاهر، كمثل زيتونة مباركة لا شرقية ولا غربية، بل فلسطينية حتى النخاع، سيضيء زيتها حتما، حتى ولو لم تمسسه نار.
هي سيرته العطرة ما يجعل ذلك مؤكدا، اذ هي بعض سيرة فلسطين في دروب ملحمتها النضالية، راية وزيتونة هو الان، فلا الراية تسقط ولا الزيتونة تموت وزيتها يضيء في عروق البلاد واهلها ودروبها الصاعدة الى تمام الحرية والاستقلال.