دروس سجن رامون - عمر حلمي الغول
شهد سجن رامون الاسرائيلي مواجهات محتدمة بين قوات سلطة السجون واسرى الحرية صباح الاثنين الماضي، عندما قامت قوات حرس السجون وقوات "اليماز" او الوحدات الخاصة بتصعيد إجراءاتها العدوانية تجاه الاسرى، واقتحامها اقسام السجن والعبث بمحتويات الاسرى، وتخريب الادوات الكهربائية، اثناء وجودهم في "الفورة"، نتج عن ذلك وقوع اصابات عدة بين المعتقلين.
معتقل رامون يشهد منذ قرابة ثلاثة اشهر حملة تصعيد وانتهاكات من قبل إدارة السجن، التي تقوم بشكل غير مسبوق بحملات تفتيش لاقسام السجن، وعمليات إستفزاز للاسرى، فضلا عن انها ترفض الاستجابة الى مطالبهم الانسانية والمشروعة في إنتظام زيارات ذويهم كل اسبوعين مرة، وتأمين الكنتينة لتعويض النقص في وجبات السجون البائسة. الامر الذي اثار حالة سخط وغليان في اوساط السجن. فجاءت عملية الاقتحام للاقسام من قبل جنود سلطات السجون والوحدات الخاصة لتعيد طرح قضية اسرى الحرية، وتتجاوز الموضوع المطلبي، وتجدد فتح البعد السياسي.
بعيدا عن التفاصيل المطلبية لكل ابطال الحرية في سجون الاحتلال الاسرائيلية، لانها على اهميتها وضرورتها، تبقى ناقصة وقضية جزئية، وتحتاج إلى إضفاء البعد السياسي على قضيتهم. وتحتم على دولة الابرتهايد الاسرائيلية التوقف كليا عن الاتي: اولا اسباغ صفة اسرى الحرب على الاسرى الفلسطينيين، وفق المواثيق والاعراف الدولية؛ ثانيا التوقف عن استخدام مصطلح "الارهاب" ضدهم؛ ثالثا إقرار حقوقهم المدنية والسياسية؛ رابعا إلغاء قانون الاعتقال الاداري فورا، لانه قانون يتناقض مع المواثيق والاعراف الدولية وخاصة اتفاقيات جنيف الاربع وتحديدا الاولى لعام 1949؛ خامسا الافراج الفوري عن كل الاطفال والنساء والمرضى والمعتقلين الاداريين؛ سادسا إعادة نظر في قوانين الاعتقال الاسرائيلية بما يستجيب مع الاعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان.
بالتأكيد قضية جنرالات الاسر مرتبطة بالحل السياسي للمسألة الفلسطينية. ولن تجد طريقها للحل الجذري إلآ إرتباطا بحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. الامر الذي يفرض إدراج قضيتهم كاحد الملفات الاساسية في المفاوضات مع قيادة دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية، هذا إذا قبلت الالتزام بخيار حل الدولتين، والاستعداد لان تكون شريكا في صناعة خيار السلام.
ما جرى في سجن رامون سيتكرر بشكل دوري ضد الاسرى الابطال في كل السجون الاسرائيلية مالم يكون هناك :اولا جهد وطني جامع للوقوف خلفهم في كفاحهم البطولي ضد سياسات سلطات الاحتلال الاسرائيلية عموما وسلطة السجون خصوصا؛ ثانيا طرح قضيتهم في كل المنابر والمحافل العربية والاقليمية والدولية؛ ثالثا إطلاق فعاليات وانشطة في كل الساحات الاممية، ودفعها في مقدمة القضايا السياسية باعتبارها قضية رأي عام دولي للضغط على دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، وإرغامها على التعامل معهم كاسرى حرب، ووفق ما جاء اعلاه؛ رابعا كل ما تقدم، لا ينتقص من النضال المطلبي المشروع الجاري حاليا في مختلف السجون.
مرة جديدة تدعو الضرورة إلى توحيد جهود ونضالات اسرى الحرية انفسهم اولا وقبل كل شيء على برنامج عمل موحد، يوحد غضراباتهم، ويوحد وجهات نظرهم على قواسم وطنية ومطلبية مشتركة، وإبعاد شبح الانقسام عنهم، لاسيما وان المصلحة الخاصة والعامة واحدة، والعدو واحد. فهل يراجع اسرى الحرية تجربتهم، ويعيدوا النظر في كل الاخطاء والمثالب المعطلة لوحدتهم، ويستفيدوا من دورس وعبر تجربتهم نفسها؟ الكرة في مرماهم، ومرمى القوى السياسية، التي ينتمون لها.