قانون ترسيم العنصرية - عمر حلمي الغول
في جلسة الحكومة السابقة وافقت حكومة نتنياهو باغلبية (14) صوتا قانون إعتبار إسرائيل " دولة "الشعب" اليهودي القومية"، الذي رفضه (6) وزراء من حزبي "الحركة" و"هناك مستقبل".
القانون الجديد، الذي أُجل التصويت عليه، حرصا من رئيس الحكومة على إيجاد صيغة توافقية بين كتل الائتلاف الحاكم للحصول على اعلى نسبة تصويت، وخشية على عدم فرط عقد الحكومة، وتقديم الانتخابات البرلمانية. ليس محل إجماع إسرائيلي، لا بل أحدث ردود فعل واسعة في اوساط النخب السياسية من الموالاة والمعارضة، والاعلامية والدينية، فضلا عن ردود الفعل الفلسطينية والعربية والدولية.
على الصعيد الاسرائيلي، اعلن الرئيس رؤوبين ريفلن عن إعتراضه على مشروع القانون، واشار إلى انه، يهدد مرتكزات الحركة الصهيونية والدولة الاسرائيلية وبتناقض مع الوثيقة الدستورية، التي قامت على اساسها الدولة الاسرائيلية، ويشوه الطابع الديمقراطي لها. كما ان رئيس المعارضة، هيرتسوغ، إعتبر أن القانون يعكس فشل وإفلاس نتنياهو، وطالبه بالاستقالة فورا، ودعا ايضا كل من ليفني ولبيد وممثليهم للانسحاب من الحكومة، لانه لا قيمة ولا اثر لوجودهما في مجلس الوزراء. وحاخامات الحريديم رفضوا القانون، لانه يضفي الصبغة العلمانية على الدولة، وينزع الصفة الدينية عن اليهودية. والاوساط الاعلامية الغالبية منهم سجلوا رفضهم وتحفظهم على القانون، لانه يسبغ الصفة العنصرية على الدولة الاسرائيلية، ويزيد من عزلتها في اوساط الرأي العام العالمي، ويعطي مصداقية للرؤية الفلسطينية. وكان كل من ليفني ولبيد واقرانهم من الحزبين، رفضوا القانون، وأكد كل منهما، على ان مشروع القانون يهدد الدولة برمتها، ويعمق الطابع العنصري، لانه يضع الاقليات العربية والروسية (هناك ثلاثمائة الف روسي في إسرائيل) في اسفل الهرم الاجتماعي والسياسي، ويفتح باب التغول الاجرامي امام قوى اليمين المتطرف الصهيونية. والكتل العربية في الكنسيت وقطاعات الرأي العام العربي في ال 1948، جميعهم رفضوا القانون العنصري البغيض، واشاروا الى انه يسقط حق العودة، كما انه يصادر ويزور الرواية الفلسطينية، ويلغي مكانة اللغة العربية، كلغة رسمية، ويمتهن الثقافة الوطنية والقومية العربية .
ورغم ان مشروع القانون، لم يضيف شيئا جديدا في المشهد الفلسطيني، لاسيما وان القراءة الفلسطينية العربية التاريخية للدولة العبرية، تؤكد على وسمها، بانها دولة تطهير عرقي، ترتكز على العنصرية والارهاب المنظم، وقلب الحقائق، منذ رفعت الحركة الصهيونية شعارها الناظم الكاذب: "ارض بلا شعب .. لشعب بلا ارض!" . اضف الى القانون، يعلن بشكل رسمي دفن خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، ويبيح لاسرائيل المضي قدما في خيار الاستيطان الاستعماري في عموم الاراضي الفلسطينية، ودفع برنامج الترانسفير للفلسطينيين العرب للامام، لان القانون الفاشي الجديد يتنكر كليا للحقوق والرواية الفلسطينية، وبالتالي الرفض المبدئي لحق العودة للفلسطينيين إلى ديارهم، التي طردوا منها في اعقاب النكبة عام 1948.
وفي المحافل الدولية لم يلق القانون ترحيبا، لا بل كان محل رفض وإدانة حتى ولو بطريقة التفافية، كما جاء في الرد الاميركي عليه، حيث طالبت ساكي، الناطقة باسم الخارجية، بضرورة محافظة إسرائيل على الطابع الديمقراطي، وحماية حقوق الاقليات، والمساواة بين حملة الجنسية الاسرائيلية. ورد الفعل الاوروبي لم يكن اقل قوة مما ورد، حاثا اسرائيل على إعادة النظر بالقانون العنصري.
كل ردود الفعل الواردة على اهميتها، وضرورتها، غير انها بحاجة الى سياسات وبرامج عمل لوضع حد للعنصرية الاسرائيلية، التي لم تعد خافية على احد، والتي جاء القانون ليشرعها، وذلك لحماية خيار السلام وحل الدولتين والتعايش بين شعوب المنظقة، وصون السلم الاقليمي والعالمي. لان العالم ان لم يضبط إيقاع العنصرية الاسرائيلية، فإن دورة الحروب ستعود لتتوالى من جديد بشكل اكثر وحشية وفتكا مما سبق، مع ما لذلك من تداعيات مباشرة على السلام والسلم في اسرائيل والمنطقة والعالم.