غير قابل للاستمرار
مرة اخرى، وهذه المرة بوضوح حاسم، يضع الرئيس ابو مازن الاشقاء العرب في حقيقة وجدية الموقف الفلسطيني المستند الى قرارات مجلس الجامعة العربية، في الذهاب الى مجلس الامن " لتدويل " القضية الفلسطينية، و"لأنه لم يعد لدينا شريك في اسرائيل" وقد اعطينا الفرص كلها لذوي العلاقة، وبخاصة الولايات المتحدة، كي نخرج من مفاوضات العبث بالوقت، ومطالبات التأجيل والتريث والانتظار، التي باتت مكلفة لنا على اكثر من صعيد، خاصة على صعيد امننا وارضنا وحياة شعبنا اليومية، وحيث العدوانات الحربية والاعتقالات اليومية، وعربدة المستوطنين التي باتت تهدد بصراع ديني بعد انتهاكاتهم للمسجد الاقصى، ولا شك ان اكثر من يعرف ذلك، الولايات المتحدة صاحبة مطالبات التأجيل، التي ناهضت الاستيطان غير مرة بمواقف متباينة، لكنها جميعا قالت ان الاستيطان لا يخدم عملية السلام، ومع ذلك لم يكن هناك الموقف الذي يلجم هذا الاستيطان، وهذه السياسات الاسرائيلية العنيفة، الموقف الذي لا نريده انتصارا لقضية شعبنا الفلسطيني العادلة وانما في الاساس نتطلع اليه ليكون انتصارا للسلام العادل الذي تقول الولايات المتحدة انها تسعى اليه ...!!!
لكن ومرة اخرى، وحتى مع هذا الوضوح الحاسم للرئيس ابو مازن، لم يغلق الرئيس الابواب امام فرص السلام ان تظل ممكنة، اذا ما تم تفعيل قرارات مجلس الجامعة العربية المتفق عليها، على نحو جعلها موقفا عربيا موحدا وفاعلا، في كل ساحة ومحفل دولي، وأولا في مجلس الامن الدولي، اذ لم يعد في القوس منزع كما يقال، فالوضع الراهن خطير، ولم يعد قابلا للاستمرار، وهذا ما يؤكده بالمناسبة مشروع القرار المطروح امام البرلمان الفرنسي، للاعتراف بدولة فلسطين.
العالم كله تقريبا بات يتحدث بمثل هذه اللغة، العالم كله بات يقول ان الوضع لم يعد قابلا للاستمرار، وعلى حاضنتنا العربية، ان تتماهى اليوم مع هذه اللغة بصورة وكلمات لا تقبل التأويل أو المساومة او التردد، ومن خلال مواقف دعم ومساندة وعلى مختلف الاصعدة، تؤمن لنا صمودنا وثباتنا في ارض الرباط، ارض المقدسات العربية، المسيحية والاسلامية، ومن هذه المواقف الان تحقيق شبكة الامان المالية، كي نواجه تهديدات الحصار وقطع المساعدات المالية عنا، التي يلوح بها الكونغرس الاميركي.
نعم لم يبق في القوس منزع، وبمعنى ان للصبر حدودا، وقد وصلنا هذه الحدود، التي نعرفها جيدا، ولطالما كنا نعرف ونحن اشهر الصابرين طرا في هذا العصر، نقول لطالما كنا نعرف ان الصبر يعني ان " نرى بين الشوك وردة " هي وردة الحرية ولهذا لم نستسلم يوما لليأس، ولن نستسلم ابدا لهذا العبث العدمي، ولأن وردة الحرية تستحق ان تدمى ايادينا من اجلها، وها نحن نواصل انتزاعها من بين شوك الاحتلال ودغله، وعلى اشقائنا العرب ان يمدوا يد العون الدافئة لنا، لننتزع هذه الوردة ومرة والى الابد، حين تقوم دولة فلسطين الحرة المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.