آن لحماس أن تنتفض من داخلها- يحيى رباح
قد لا يوافقني الكثيرون في الساحة الفلسطينية على هذا العنوان الذي يلخص الفكرة الأساسية لهذا المقال،ولكنني حين اتذكر تاريخ الاخوان المسلمين في قطاع غزة, والنماذج الرائعة للرجال الذين لعبوا ادوارا مهمة في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية واذكر منهم على سبيل المثال استاذي الجليل فتحي البلعاوي يرحمه الله, الذي لعب مع زميله في سلك التعليم الشاعر الكبير معين بسيسو في اسقاط مؤامرة التوطين في سيناء في منتصف الخمسينيات, والتحول الذي جرى في المنطقة بعد نجاحهم في اسقاط مؤامرة التوطين, وحالة النهوض الفلسطينية التي جعلتها اثرذلك ادوارا كبرى في التاريخ الفلسطيني المعاصر ومن ابرزهم الشهيد الخالد ياسر عرفات الذي شكل اول عنوان فلسطيني عندما شكل رابطة طلبة فلسطين في القاهرة, ومحمد يوسف النجار وخليل الوزير وكمال عدوان وصلاح خلف وابو اياد الذين خرجوا من جسم الاخوان المسلمين لكي يستحثوا هذا الجسم الكبير على تغيير المسار نحو انجاز اكبر بخصوص القضية الفلسطينية, وهذا ما حدث بالفعل بعد ذلك بخروج الدكتور فتحي الشقاقي وانشاء حركة الجهاد الاسلامي, وقيام الشيخ احمد ياسين في علو مكانة فلسطين في الحركة الاسلامية العالمية, وإن مكانها قبل ذلك كان مكان الغائب الذي لا يسمع ويطيع ويدفع الثمن ولكن من دون ان يكون له وزن في القرار, وكان اكثر شيء يكرهه الشيخ احمد ياسين يرحمه الله ان يقول له الاسلاميون العرب والاجانب ماذا يفعل او لا يفعل, ماذا يقول او لا يقول, ماذا يقبل او ماذا يرفض وكان هذا جوهر علاقته العجيبة مع ياسر عرفات, العلاقة القائمة على الفهم العميق لضرورات الحالة الفلسطينية باقل قدر من الكلام والثرثرة.
ما دفعني الى الخوض في هذا الموضوع حدثان لا يمكن السكوت عليهما :
الحدث الاول :الثرثرة التافهة التي تجري في بعض اوساط حماس الأقل شأنا والأقل تأثيرا في نفس الوقت حول انتهاء الوقت امام حكومة التوافق الوطني, وهؤلاء البلهاء يطرحون حيثيات تافهة ما انزل الله بها من سلطان !!! نقول لهم, اذا انهارت حكومة التوافق الوطني فأي غطاء سيبقى لكم على المستوى الوطني والسياسي وحتى على المستوى الاخلاقي حيث لا ساتر لكم الا حكومة التوافق الوطني التي لم تعطوها صلاحياتها بالكامل تلبية لتحريضات من هنا وهناك, وبفعل طموحات صغيرة غير مشروعة عند البعض!!!واين تذهبون في زمن الطوفان إلا للجبل الفلسطيني, وهو الشرعية الفلسطينية ومن بين مفرداتها حكومة التوافق الوطني ؟؟؟
الحدث الثاني : هو البيان الذي صدر تحت عنوان «داعش»وجبة تهديد واضح وساقط وارهابي لثمانية عشر مبدعا فلسطينيا من ابناء قطاع غزة, من شعراء وكتاب وفنانين تشكيليين وروائيين وغيرهم, لتهديد يمس حياتهم مباشرة !!!وهذا امر مستهجن في حياة الشعب الفلسطيني وتاريخه, وهذا امر يتعارض الى حد الكفر المباح مع نسيج شعبنا وعدالة وعبقرية قضيته وابداع اجياله وهو الشعب الذي يشكل الخلية الحية المميزة في حياة هذه الامة شاء من شاء وابى من ابى !!!فبأي ذنب يهددون سوى ان ابداعا هو الذي يكشف حجم التقيح والتخلف والظلام الذي يقبع فيه أولئك الارهابيون :مطلوب من حماس ان تقوم بواجبها في القاء القبض على مروجي ذلك البيان التهديدي, ويجب ان يفضح الفاعلون على الملأ وينالون عقابهم الصارم !!!وأنا اعتقد الى حد اليقين ان الاوساط الرئيسية في حماس لن تقبل هذا السلوك الشنيع, مع اني اعرف ان هناك من يحاول ان يتجرأ على شعبنا وسمعته من خلال محاولة استئجار بعض الأدوات لتفعل ما يريد, اوليس صالح العاروري واحدا من هذه الادوات الذي خان دماء شعبه حين اعترف بالتهمة الاسرائيلية على خلفية اختطاف الشبان الاسرائيليين الثلاثة, فكان الثمن فادحا, قرابة خمسة عشرالف شهيد وجريح, وكان الدمار هائلا, عشرات الالاف من البيوت اغلب سكانها ما زالوا في العراء تحت وابل المطر والبرد القارس, وتحت هاجس الخوف من الشتاء الذي لم نصل بعد الى كوارثه الحقيقية.
بل انه في السنوات الماضية كانت تخرج بين الحين والاخر تقليعات تافهة ومهينة تريد ان ترسم لشعبنا صورة مشوهة, مثل قرارات تحريم تدخين النرجيلة للنساء, وتحريم بعض النشاطات الاجتماعية المختلطة التي نمارسها في حضارتنا منذ الاف السنين. .الخ تلك التقليعات التي كانت تتصدى لها بحزم شعبنا الباسل في قطاع غزة.
لم يعد مقبولا تكرار القول :نحن لا نعرف, حيث قبل اسابيع قليلة تعرضت المصالحة الفلسطينية الى ضربة قوية من خلال التفجيرات التي استهدفت بيوت قادة فتح في قطاع غزة, وكان المهرجان المركزي المقرر بذكرى استشهاد ياسر عرفات هو الضحية !!! واليوم يصدر بيان باسم داعش يهدد بالاسم ثمانية عشر مبدعا ومبدعة من ابناء القطاع فمن المسؤول ؟؟؟ ومن هم هؤلاء الذين يتجرأون على تشويه سمعة شعبنا بوجود شيء اسمه داعش واين هي الاجهزة الامنية لحماس التي تصدع رؤوسنا كل يوم بقدرتها على متابعة الاختراقات الامنية الاسرائيلية ثم نراها تعجز عن متابعة اعمال ارهابية هابطة المستوى تتم في العلن وليس في الخفاء مثل قضية التفجيرات واليوم قضية التهديدات ؟؟؟
اثق ثقة كبيرة ان شعبنا لن يرضى بهذه المهازل, ولدي امل ان اوساط رئيسية في حماس لن تقبل ان تصبح سمعتها في الميزان ولذلك فنحن في انتظار الكشف عن الحقائق ولا اقل من الحقائق.
Yhya_rabahpress@yahoo.com