الاحتلال يهدم منشأة تجارية ومنزلين ويجرف اشجار زيتون في حزما وبيت حنينا    "التربية": 12,820 طالبا استُشهدوا و20,702 أصيبوا منذ بداية العدوان    الاحتلال يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة    إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة    الأمم المتحدة تطلب رأي "العدل الدولية" في التزامات إسرائيل في فلسطين    عدوان اسرائيلي على مخيم طولكرم: شهيد وتدمير كبير في البنية التحتية وممتلكات المواطنين    الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان  

"التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان

الآن

في الذكرى الـ25 لإستشهاده قتلوه .. وقالوا انتحر في زنزانته - عبد الناصر عوني فروانة

السادس والعشرون من أيلول / سبتمبر عام 1989 ، يوم ( لا ) يمكن أن يُمحى من ذاكرتي ، فهو اليوم الذي شهدت فيه ليلته اعتقالي للمرة الرابعة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي ، والزج بي في زنازين ضيقة وقذرة ( لا ) تدخلها أشعة الشمس ، وفي قسم التحقيق في سجن غزة المركزي والذي كان يُعرف بـ " المسلخ " ، كناية عن قسوته وشدة التحقيق و التعذيب فيه.
 
تجربة إعتقالية كانت هي الأقسى من بين أربعة تجارب مررت بها في حياتي ، حيث مكثت قرابة مائة يوم متواصلة ما بين " المسلخ " والزنازين الضيقة والمعتمة ، تعرضت خلالها لصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي ، ومكثت في ما يُطلق عليها الأسرى بـ " الثلاجة " أيام وليالي طوال ، ولا زالت صور المحقق وهو يستمتع بتعذيبنا ماثلة أمامي ، كما ولا زالت أحداث استشهاد الأسيرين خالد الشيخ علي وجمال أبو شرخ في تلك الفترة جراء التعذيب عالقة في ذهني .
 
صراحة لا يمكن وصف تلك الفترة المؤلمة ومعاناتها القاسية ، فالأسير منا كان يتمنى الموت ، ويفضل أن يموت مرة واحدة ، على ألا يموت ببطء مرات ومرات عدة .
 
ولا يمكن الحديث أو الكتابة عن التعذيب وتاثيراته دون الاستحضار الاضطراري للتجربة الشخصية والتي تتشابك مع التجربة الجماعية لمئات الآلاف من المعتقلين الفلسطينيين ، وهنا يتجدد الألم ، ويتفاقم الحزن لوجود آلاف من الأسرى لا يزالون يُعذبون في سجون الاحتلال الإسرائيلي مما يدفعني للعمل أكثر فأكثر لمساندتهم .
 
 
في تلك الفترة التي أتحدث عنها والتي استمرت مئة يوم من التحقيق والتعذيب وبالتحديد في الرابع من كانون أول / ديسمبر عام 1989 كنت في زنزانة صغيرة تحمل الرقم ( 14 ) ، وإذا بأحد " العملاء " العاملين بالزنازين يفتح طاقة الزنزانة رقم ( 12 ) والمقابلة لزنزانتي ، وبعد أن تمتم بضع كلمات لم نسمعها جيداً ، أخذ يصرخ بأعلى صوته من هول الحدث ، ويردد بالعربية " ميت " ، وكررها مراراً وأخذ يركض ، ونحن نتابعه من ثقب صغير في باب الزنزانة مُحكم الإقفال .
 
وخلال لحظات معدودة جاءت مجموعة من شرطة السجن وعدد من المحققين وأحدثوا ضجة في ممر الزنازين وفتحوا باب الزنزانة ونقلوه جثة هامدة ، بعدما كان قد تعرض من قَبِل إلى تعذيب قاتل ومميت في ما عُرف بـ " المسلخ " .
 
انه الشهيد الأسير " جمال محمد عبد العاطي أبو شرخ " ( 23 عاماً ) من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة ، وكبر وترعرع بين أزقة المخيم وتلقى دراسته الابتدائية والإعدادية في مدارس المخيم ، فيما الثانوية درسها في مدرسة " فلسطين " ، ودرس في ألمانيا هندسة ميكانيكية ولكن الإمكانيات المادية الصعبة لعائلته لم تساعده في إكمال دراسته .
 
اعتقل " جمال " مصاباً منتصف أكتوبر عام 1989 بعدما تمكن بسيارته من نوع " بيجو " من دهس عدد من الجنود الإسرائيليين في شارع النصر بغزة فقتل وأصاب عدداً منهم ، ومن ثم نقل الى مستشفى سجن الرملة وتلقى العلاج هناك وزارته أسرته بعد قرابة ثلاثة أسابيع  في السجن المذكور وأخبرها انه تعافى من جراحه وانتهى التحقيق معه وان فترة توقيفه مددت لثلاثة شهور ، ومن ثم نقل الى سجن غزة المركزي ووضع في قسم التحقيق .
 
وفي الرابع من كانون أول / ديسمبر عام 1989 أبلغت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عائلة الشهيد بأن ابنها الأسير " جمال " وجد مشنوقاً في زنزانته .
عذبوه بشدة ، وقتلوه عمداً وانتقاماً .. وادعوا ظلماً وبهتاناً أنه " انتحر " في زنزانته ، حسبي الله ونعم الوكيل على كل ظالم
 
أشعر بالخجل لأن شعبنا الفلسطيني بفصائله وقواه الوطنية والإسلامية ، وكافة مؤسساته الحقوقية والإنسانية ومعها مؤسسات العالم أجمع ، لم تنجح في إنهاء التعذيب المميت في السجون الإسرائيلية ، أو حتى الحد منه وتقليص أشكاله المدمرة ورفع الغطاء القانوني عنه ، وملاحقة مقترفيه ومحاسبتهم ولو مرة واحدة على جريمة من الجرائم الكُثر التي اقترفوها بحق الأسرى العُزَّل ..!!
 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024