كي لا ننسى - حافظ البرغوثي
حتى لا ننسى أيام النضال النظيفة والوقفة الشعبية السباقة لغيرها في مواجهة الاحتلال وزبانيته في الانتفاضة الأولى التي التف عليها شعبنا في مثل هذه الأيام عام 1987، لا بد أن نذكر من كان لهم أثر مباشر في انطلاقتها .أول هؤلاء هو القائد المقدسي فيصل الحسيني الذي اتخذ من بيت الشرق وجمعية الدراسات العربية مقراً لنشر الوعي الوطني لمقاومة سياسة القبضة الحديدية التي انتهجتها سلطات الاحتلال في المدينة ضد المقدسيين في محاولاتها للاستيلاء على المنازل وتوسيع رقعة الاستيطان وخاض القائد معركة وطنية متعددة الأوجه ضد هذه السياسة التي أدت إلى اعتقاله قبل اندلاع الانتفاضة.
ولا ننسى أيضاً الدور الطليعي الذي قام به الدكتور مبارك عوض الذي جاء من أميركا ليؤسس مركز اللاعنف واتخذ من حجرة في القدس مقراً له ليمارس أنشطته النضالية وليطلق حملة حماية وزراعة الأراضي المهددة بالاستيطان في القرى الحدودية غرب رام الله والقدس، وليتحول مقره إلى مركز إعلامي يفضح ممارسات الاحتلال أمام الصحافة العالمية وتعددت الأنشطة لتشمل حملة لمقاطعة البضائع والمنتوجات الإسرائيلية ونشر ثقافة المقاومة الشعبية السلمية. فكل هذه الأفكار النضالية ولدت آنذاك وكان للعبد الفقير لله شرف المشاركة فيها مع الدكتور عوض إلى أن اعتقلنا في شهر نيسان 1988.
وأيضاً لا ننسى العمليات العسكرية التي نفذتها حركة الجهاد في غزة حيث زادت الناس حماساً وفتحت أعينهم على ضرورة المقاومة فيما العالم يتجاهل هذا الاحتلال على وقع زيارات وجولات المبعوث الأميركي ريتشارد ميرفي الذي لم يفعل شيئاً، وكذلك عملية الطائرة الشراعية عبر الحدود مع لبنان التي نفذتها القيادة العامة وهي عملية نوعية أثارت إعجاب عامة الناس من حيث إن الفلسطيني يستطيع الوصول إلى الوطن مهما كانت الحدود مغلقة.
ولا ننسى طليعة الانتفاضة الشبابية من الفصائل الوطنية وخاصة شبيبة فتح التي كانت في أوج عطائها بقيادة الناشط المتقد ثورية مروان البرغوثي حيث كانت شبيبة فتح رأس الحربة في المواجهات مع قوات الاحتلال وعلى كاهلها وقع العبء الثوري الأكبر منذ البداية ومنها خرج المناضلون والشهداء والجرحى وامتلأ سجن النقب من عناصرها.
تحية لكل المناضلين الذين أعطوا الانتفاضة ألقها ولشعبنا الذي ضحى وصبر وللشهداء الأبرار الذين واجهوا الرصاص بالحجارة والصدور العارية العامرة بالإيمان بالله والوطن والحرية. تحية لشعبنا في ذكرى انتفاضته الرائدة، والرحمة للشهداء والحرية للأسرى وإننا لمنتصرون بعون الله ولا غالب إلا الله .