حول موظفي السلطة في غزة - حسن الكاشف
في قطاع غزة، ومنذ الانقسام البغيض، عشرات آلاف الموظفين المدنيين والعسكريين الذين التزموا بقرار سلطتهم وتوقفوا عن العمل ولم تتوقف رواتبهم حتى الآن، ومع مرور السنوات - سنوات الانقسام البغيض جدا- اصبح مصير هؤلاء معلقا.. بين عودة لوظائفهم في الوزارات والمؤسسات والتشكيلات العسكرية والأمنية، اذا ما جرى توحيد الوزارات والمؤسسات والأجهزة.. اذا ما تسلمت حكومة الوفاق الوطني كل المسؤوليات والوزارات، وبين البقاء على حالهم الراهن حتى نهاية عمرهم الوظيفي، وقد انتهى عمر الكثيرين الوظيفي واحيلوا للتقاعد.
تعامل مؤسسة السلطة مع هؤلاء الموظفين تراوح في الفترة الأولى بين اعتماد المؤسسة على تقارير من «أهل الثقة» تم اعتمادها وتحديد مصير الكثيرين على اساسها، وبين صيغ ضبابية تتعلق بالترقيات والمخصصات واعتماد التوكيلات حينا، ورفضها او تجديدها حينا آخر.
بعد انقضاء اكثر من سبع سنوات على الانقسام الذي لا تبدو لنهايته نهاية، بعد هذه السنوات آن الاوان لاعتماد صيغ وظيفية مسؤولة وواضحة في التعامل مع هؤلاء الموظفين، وما ايسر هذه الصيغ، وهي في النهاية صيغ وظيفية، فمن هؤلاء الموظفين كوادر مدنية وعسكرية مسؤولة من مدراء عامين ورتب عسكرية عالية، وكل من هذه الكوادر كانت لهم مسؤوليته عن ملاك مدني او عسكري، واذا ما ارتبط الكادر المسؤول بمرجعيته الوظيفية في الضفة، وتلقى التعليمات، ومارس مسؤولياته عن ملاكه في غزة، وتواصل معه تواصلا دائما عبر التسلسل الوظيفي المعروف لدى الجميع، فإن التقييم سيكون مسؤولا منصفا.
من هم الذين لم يغادروا قطاع غزة؟ ومن هم الذين بدلوا الولاء؟ ومن رتب لحياته خارج الوظيفة العمومية داخل الوطن او خارجه؟ كل هذه وغيرها كثير من شؤون العمل الوظيفي بحاجة الى مستند مسؤول يتحمل مسؤولية كل تقييم، وكل معلومة يرتكز عليها القرار الخاص بكل موظف.
وحتى يكون التقييم وتكون المعلومة صادقة. ودقيقة. وبعيدة عن المجاملات والاهواء، فان مستند التقييم يجب ان يبدأ من درجة المدير صعودا الى المدير العام والوكيل ان وجد، وهذا يتطلب تواصلا بين الكادر المسؤول من درجة مدير صعودا مع ملاكاته من الموظفين.
اذا ما تم اعتماد هذه الصيغة، وارجو ان تكون مثل هذه الصيغ معتمدة فعلا، مع ان معلوماتي المؤكدة انها غير معتمدة في كل الوزارات والمؤسسات، فاننا نقضي باجراء وظيفي واضح كل سلبيات اعتماد تقرير، او اعتماد تقييم يخضع للاهواء ومفاهيم خاطئة موروثة، فهذا موظف يعرف زملاؤه انه غادر الوطن واعطى توكيلا لقريب، ( اهله مساكين خليهم يستفيدوا فالراتب مال حكومة) و( الاقربون اولى بالمعروف) و( خيركم خيركم لاهله) و(الجار اولى بالشفعة) ومثل هذه كثير ممن تم تفسيرها وتفصيلها حسب الاهواء، وبشكل خاطئ، وبفهم يخلط بين التضامن وبين التواطؤ.
صيغ وظيفية بتوقيع المرجعيات المسؤولة، صيغ تلزم المسؤول بالتواصل مع ملاكه للاطمئنان عليه، وتفقده، والتأكد من سلامة وضعه الوظيفي، واذا ما تم اكتشاف تواطؤ فان المرجعيات تتحمل المسؤولية.. هكذا نرسي ونرسخ تقاليد وظيفية بعيدة عن شبهات التقرير الكيدي. وغض الطرف، والفهم الخاطئ، والدقة والعدالة والصرامة المطلوبة من المسؤول مدنيا كان او عسكريا.