زياد يلحق بركب الشهداء - عمر حلمي الغول
زياد ابو عين غادر موكب المشيعين للشهداء، لأن جسده الطاهر سجي على الموكب، ليلحق بقافلة الشهداء الابطال. اللحظات الاخيرة من حياة ابو طارق وثقت كما يليق بالابطال الميامين. حيث شاهد العالم بأسره عبر شاشات الفضائيات الوزير المكافح، وهو يدافع عن مشروعه الوطني بأرقى اشكال النضال، وهو يغرس اشجار الزيتون في الاراضي المصادرة من قرية ترمسعيا، حمل رئيس هيئة مكافحة الجدار والاستيطان إرادة البقاء والصمود مع ثلة من ابناء الشعب وانصار السلام الامميين، ومضى متقدما الصفوف ليعيد الروح للارض المصادرة من قبل قطعان المستعمرين ودولة التطهير العرقي الاسرائيلية. ووقف كالطود شامخا في مواجهة جنود وضباط جيش الموت الاسرائيلي وكلاب المستعمرين الصهاينة، موجها كلامه للعالم: جئنا هنا لنزرع ارضنا بشكل سلمي، لا نحمل اي سلاح سوى سلاح الدفاع عن حقوقنا الوطنية، هذا جيش الاحتلال المجرم، اعتدى علينا بالغاز والضرب دون اي سبب إلا لاننا نزرع ارضنا".
كلمات عضو المجلس الثوري لحركة فتح البسيطة وبالغة الدلالة، عكست روح النضال الوطني. واكدت للعالم اجمع، ان جيش النكبة الاسرائيلي وقطعان مستعمريه، ومن يقف وراءهم في حكومة نتنياهو، هم أداة القهر والاغتصاب للارض العربية الفلسطينية؛ وهم الرافضون للسلام؛ وهم من يزرع الموت والكراهية، ويغتالوا الحياة في اوساط الفلسطينيين والاسرائيليين، كما اغتالوا البطل زياد ابو عين؛ وان من يزرع الحياة والسلام، هم الفلسطينيون وعنوانهم ابو طارق واضرابه من ابطال المقاومة الشعبية.
الشهيد الكبير زياد ابو عين، غادر المشهد الوطني باكرا، عن خمسة وخمسين عاما. قضى جلها في الكفاح الوطني، حيث قضى ثلاثة عشر عاما في اقبية سجون الاحتلال الاسرائيلي والولايات المتحدة الاميركية، التي قامت في مطلع الثمانينييات بتسليمه لدولة الارهاب المنظم الاسرائيلية. ولهذا السبب اصدرت الامم المتحدة سبعة قرارات تتعلق بشخص ابو طارق بالاسم. وتبوأ المناضل الفتحاوي مواقع وطنية عدة، اهمها: وكيل وزارة الاسرى؛ ورئيس هيئة مكافحة الجدار والاستيطان إضافة الى هيئة الرقابة الادارية، وجمعية المحاربين القدماء.
لم يثن المرض الصديق زياد عن مواصلة مشواره الكفاحي. منذ ان بات يعي موقعه في الحياة كرقم نوعي، حمل راية المشروع الوطني من خلال عضويته في حركة فتح، وأكد حضوره في الخطوط الامامية دوما، مكرسا مع ابناء الشعب اهمية المقاومة الشعبية.
شكل اغتيال الشهيد زياد ابو عين من قبل جيش الموت وقطعان المستعمربين الصهاينة صدمة قوية للقيادة السياسية والشعب. حيث اكد الاسرائيليون القتلة، انهم لا يميزون بين مواطن وآخر، إن كان وزيرا او رئيسا لجهاز او مواطنا عاديا، وان كان منتميا لهذا الفصيل او ذاك او حتى غير منتم، لان الهدف الاسرائيلي الصهيوني هو الفلسطيني العربي الناطق بلغة الضاد. هذا الاغتيال البشع، يحتم تصعيد المواجهة مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية من خلال: تطوير وتصعيد اشكال المقاومة الشعبية في مواجهة اسرائيل؛ وقف التنسيق بكل اشكاله؛ ملاحقة قادة اسرائيل في المحافل الدولية المختصة وخاصة محكمة الجنايات الدولية، التي قبلت امس الاول عضوية دولة فلسطين كمراقب فيها؛ وايضا ملاحقة اسرائيل في المحافل الاممية المختلفة، وتجريم جريمتها الجديدة باستصدار سلسلة من العقوبات ضدها، وايضا مطالبة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي باتخاذ مواقف رادعة لحكومة نتنياهو، وفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية وامنية عليها، ودعم مشروع القرار الفلسطيني العربي في مجلس الامن لوضع نهاية للاحتلال الاسرائيلي كليا؛ وعلى الاشقاء العرب الاستخدام الامثل لاوراق القوة، الموجودة بايديهم لثني حكومة نتنياهو عن سياساتها الاستعمارية، ولحماية خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.
زياد ابو عين، لم يمت، وان غادرنا مع قافلة الشهداء، لان قيم واهداف وكفاحية ابو طارق ستبقى خالدة في ابناء شعبنا. وداعا ايها البطل زياد. ونم قرير العين، لان فلسطين ستنتصر كلها لك.