ستراك الأجيال تتجول في التلال « إلى روح زياد أبو عين « - يحيى رباح
من قال إن الاولاد لم يكبروا بعد
ها هم كبروا قبل الاوان، ويضيئون في قلب اللهب، وابدعوا ثورتهم على هيئتهم، فكانوا في "فتح" اول الرصاص واول الحجارة، وأول الغضب المقدس، وأول القيامة من جديد، وصديقي العزيز زياد ابو عين الذي عرفته في مطلع الثمانينات، من القرن الماضي حين اعتقل في الولايات المتحدة على خلفية اتهامات اسرائيلية، واصبح وهو الفتى الغر انذاك نجما معروفا على نطاق واسع في ساحات النضال، وبقي منذ ذلك الوقت مطلوبا وملاحقا من الاحتلال الاسرائيلي.
وفي صفقة تبادل الاسرى التي تمت بيننا وبين اسرائيل في عام 1995، كان زياد ابو عين معتقلا في السجون الاسرائيلية، وكان من المفترض ان يكون في قائمة المفرج عنهم، ولكن سلطات الاحتلال انزلته من الطائرة قبيل لحظات ظنا منها انها بذلك تمنعه من العودة الى ساحات النضال والاشتباك، ولكن زياد ابو عين ظل يحمل في صدره قلب الفتى الشجاع ظل في ساحات الاشتباك طيلة حياته، فقد واصل نضاله في مهمات متعددة سواء عندما كان في اطار القيادة العليا في وزارة الاسرى أو في الفترة الاخيرة حين تسلم مهام رئيس الهيئة الوطنية لمقاومة الجدار والاستيطان، هذا الاستيطان الاسود البشع الذي تدق ساعة نهايته ورحيله عن ارضنا.
آخر مرة رأيت فيها القائد الفتحاوي والوطني زياد ابو عين كانت يوم الاحد في السابع من هذا الشهر، حين اقيم احتفال في مركز محمود درويش بتوقيع رواية الكاتب المبدع احمد غنيم المعنونة باسم الشيخ ريحان، سرديات مقدسية، وذكرني زياد بمزاميري الفلسطينية التي كنت اكتبها في زمن الانتفاضة الاولى، ووعدته انني سأعاود مزاميري قريبا، ولم اكن ادري ان جنود الاحتلال يترصدون زياد ابو عين على مستوى التفاصيل ليقتلوه، كان في ترمسعيا يقاوم حقدهم ويفند ذاكرتهم المزورة بمشروع نضالي عجيب، وهو غرس الزيتون في الشقوق الصخرية لتلالنا الفلسطينية الخالدة، لتزهر وتتفتح روايتنا الفلسطينية في وقت تتراجع فيه وتنطفيء الرواية الصهيونية الزائفة. ما اجملك يا زياد، يا من بقيت تحمل في صدرك قلب الفتى الشجاع ولقد كانوا في انتظارك بالرصاص وقنابل الغاز فقتلوك بكل الحقد والكراهية والاصرار والارهاب والتعنت.
سيأتي شتاء ويأتي صيف
سيحل خريف ويبرعم ربيع
وسوف تظل الاجيال الفلسطينية المتلاحقة تراك وانت تتجول بالتلال تلف الكوفية حول رقبتك، تتحدث بصوتك الاجش القوي، وتنقل افكارك بسرعة البرق من رأسك الى اطراف اصابع يديك، اليس هذا هو الدرس الاول لفتح التي انتميت اليها يا زياد وكنت ما تزال صبيا.
لروحك التحية ولذكراك الخلود سيولد اطفال ليحملوا اسمك، وسنطلق اسمك على حقل زيتون وعلى شارع جديد نقيمه فوق انقاض طريق التفافي، ومدرسة يتعلم فيها الاطفال حكايات الابطال.
اما انتم ايها الغارقون في مخاضات انقسامكم، فان استشهاد زياد ابو عين في وضح النهار في تلال رام الله، فهو الدليل على انكم بانقسامكم تحرمون انفسكم من فرحة الشهداء حين يصعدون الى السماء، وانتم تعرفون ان القائد الفتحاوي والوطني زياد ابو عين قد استشهد على يد العدو الرئيسي الاحتلال الاسرائيلي وكان السؤال ما يزال مرسوما على شفتيه: كيف تدعون انكم مسلمون او قوميون اذا لم تكونوا فلسطينيين اولا.
انتبهوا: فان نتنياهو وزمرته المجرمة يعرفون من انت يا زياد، وبقتلك فانهم اعتدوا بغرور ووقاحة على كل القوانين والاتفاقيات، ونتوقع منهم اكثر واكثر في هروبهم من المأزق الذي يلاحقهم بلا حدود.