الاحتلال يهدم منشأة تجارية ومنزلين ويجرف اشجار زيتون في حزما وبيت حنينا    "التربية": 12,820 طالبا استُشهدوا و20,702 أصيبوا منذ بداية العدوان    الاحتلال يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة    إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة    الأمم المتحدة تطلب رأي "العدل الدولية" في التزامات إسرائيل في فلسطين    عدوان اسرائيلي على مخيم طولكرم: شهيد وتدمير كبير في البنية التحتية وممتلكات المواطنين    الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان  

"التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان

الآن

زياد أبو عين شهيد العرس الفلسطيني - عـادل أبو هـاشـم

شهيدنا  زيـاد أبـو عـين ... 
ليس من السهل أن يكتب المرء عن زياد أبو عين  ، فالرجل ليس شهيدًا وحسب ، إنه قائد و  مناضل و أسير محرر ، وهو فوق ذلك يتدفق بحب الأرض التي ترجل من أجلها  .
كل كتابة عنه ستكون ناقصة ، لأن قضيته لم تكتمل بعد .
ذلك أن "أبا طارق" لم يكن في حياته وفي التـزامه مجرد شخص اختار طريق الجهاد والنضال والمقاومة ، بل كان إلى جانب ذلك نموذجـًا بارزًا لجيل فلسطيني كامل هو جيل مقاومة المحتل من خلال الكفاح المسلح ، ومن خلال تمثيله لهذا الجيل ، ومن خلال تعبيره عنه بالبندقية المقاتلة و العبوة الناسفة  اكتسب قيمته كمناضل ومعلم ورمز لهذا الجيل .
أن يستشهد زيـاد أبـو عـين فهذا أمر طبيعي ، فلقد استشهد في كل لحظة من لحظات حياته القصيرة زمنيـًا ، الطويلة جهادًا ونضالا ، فسيرة نضاله من أجل وطنه وشعبه وقضيته العادلة كان الاستشهاد نهايتها الطبيعية ، وسيرة نضاله هي في الواقع حياته العملية كلها .
لقد طلب " أبا طارق " الاستشهاد لنفسه ، وعمل له ، وسعى إليه ، لأنه آمن به .
آمن بأن العمل لفلسطين لا حدود له ، وأن فجر النصر آت لا محالة رغم الظلام الحالك الذي يلف الأمة ، وأن الدم والمشاركة في الجهاد ضد المحتل لا تكون من بعيد ، وأن هناك طريقـًا آخر غير طريق الخنوع والاستسلام ، أو القبول بالفتات أو انـتظار ما يسمح به العدو الإسرائيلي بالتـنازل عنه ألا وهو طريق الجهاد والاستشهاد .
لقد آمن زيـاد أبـو عـين أن مقاومة المحتل لا معنى ولا أثر لها إذا لم تتجسد بالممارسة والسلوك اليومي ، وأن مقاومة المحتل لا تتحمل المواقف الوسط ، ولا المهادنة ، ولا التأجيل ، ولا الاستراحة ، وأن الكلمة الثائرة لا تعرف المواربة ، ولا الدبلوماسية ، ولا التلفيق ، ولا الاصطناع .!
لقد كان في زيـاد أبـو عــين من صدق المناضل وجرأته ما يعجز الواقع عن تحمله ، فيثير فيه من خلال تصديه لغول الأستيطان والجدار  موجات متلاحقة من التأزم  ، فيجعل هذا الواقع قلقـًا مستـنفرًا يبحث عن الحقيقة بكل ما فيها من مرارة ، وعن الخلاص بكل ما فيه من تضحيات .
كان  زيـاد أبـو عـين صورة من صور الحياة النابضة بالمقاومة والوطنية والطموح الخلاق ، يرنو إلى العلا في كل مجال من مجالاته ، ويتقن فن الجهاد والمقاومة ويحفظ دروسها عن ظهر قلب ، ويلقنها لأبناء شعبه البطل .
لقد كان تلميذًا وأستاذا في آن واحد .
فقد عظم  المقاومة في فكره وعقيدته ، وقدر العمل في نضاله وكفاحه اليومي ، وسبق الآخرين بنظره الثاقب ، فكان فارسـًا يجيد السباق في كل ميدان من ميادين الجهاد والنضال والعمل الوطني .
كان  زيـاد أبـو عـين صاحب حجة قوية وعقل منظم وذهن وقاد  ، تتدافع الأفكار في رأسه كأمواج البحر ،  تتلاطم بعنف لتعود مرة أخرى إلى الأعماق في حركة مد وجزر واعية مستمرة لا تـنقطع أبدًا .
ويبدو أن العدو الصهيوني قد سبقنا بتقييم أهمية  زيـاد أبـو عـين في حياته ، حتى أخذنا الآن ندرك حقيقة عظمته بعد استشهاده ، فالعدو أدرك أن زياد كان عاملا رئيسيـًا في جعل قتاله محببـًا للجماهير ، مما يعني أن بقائه سيكون من العوامل المساعدة على ديمومة المقاومة الشعبية ، واستعداد الجماهير ورغبتها في أن تمدها بالمزيد من المناضلين .
 
من الصعب أن أرثي الشهيد  زيـاد أبـو عــين بالكلمة ، ومن الصعب أن أرثيه بالدمع الساخن لأن مآقينا جفت منذ عشرات السنين .
جفت مآقينا منذ أن وطأت أول قدم صهيونية أرض وطننا الحبيب .
جفت مآقينا منذ أن سقط أول شهيد فلسطيني برصاص العدو الصهيوني .
فلن نرث بعد اليوم شهدائنا ، بل سنثأر لهم من قتلتهم ، من عدونا الأبدي والأزلي ، سارق أرضنا وأحلام طفولتـنا .
عاش  زيـاد أبـو عـين حياة قصيرة ، ولكنها عريضة كما يقولون ، ولم يكن ابنـًا بارًا لأهله وعائلته وشعبه ووطنه بالمفهوم الأخلاقي للكلمة فحسب ، ولكنه كان ابنـًا بارًا لشعبه ووطنه بالمفهوم الإبداعي للمقاومة  أيضـًا .
لقد علمنا  زياد دروسـًا كثيرة في الانسجام والصدق والاحترام من أجل قضيتـنا العادلة ، وأول ما علمنا إياه هو أن الفلسطيني يفقد ذاته وحضوره الإنساني في  العالم والكون إذا كف عن أن يكون فلسطينيـًا .
ستبقى كل كتابة عن زيـاد أبـو عـين ناقصة ، لأن قضيته هي قضية الشعب الفلسطيني كله ، هي قضية الجيل الذي يصنع المسيرة ، وهي قضية لم تكتمل بعد .
لقد كان زيـاد أبـو عـين في حياته شعلة مضيئة في زمن الظلام العربي الدامس ، فرسم لنا الطريق ، وأثبت بدمائه الطاهرة أن الشعب الذي يزرع أرضه بالتضحية لا بد وأن يحصد النصر .
 لقد خسرنا زيـاد أبـو عـين بإخلاصه و شجاعته  وقدرته وجرأته ، وبصوته المشجع ونبرته المحذرة وقلبه الواسع  ، وبصموده و عطائه الذي لا يلين  ، وخسرنا الأخ ، ولسوف نفتقده كثيرًا ، ونفتقده طويلا .
لقد استشهد زيـاد أبـو عـين وتركنا فجأة ، ولكنها ليست مفاجأة على الإطلاق أن يستشهد " أبا طارق " ، فالذي يعيش حياته كلها مناضلا تكون الشهادة نصب عينيه دائمـًا ، وحين تأتي ، تأتي كجزء من العمل ، تأتي كرمز لهذا العمل ، تمامـًا مثل الرمز الذي حمله معه في كل لحظة من لحظات حياته ، كل ما فعله زيـاد أنه أكمل الرمز حتى النهاية .
فهنيئـًا لك الشهادة ووسامها يا زيـاد ، ونم قرير العين ، فإن رحلت عنا فسينبت فينا ألف زيـاد أبـو عـين نجوم في سماء الوطن وعنوان الأمل القادم ، ولتظل ذكراك أنشودة فلسطينية متجددة على لسان الأطفال والأمهات ، يزرعنها في الأبناء جيلا بعد جيل حتى تحين ساعة النصر بإذن الله .
زيـاد أبـو عـين ..
ونحن نستعيد مسيرة جهادك ونضالك وتضحياتك واستشهادك ، ونحن نغمض أجفاننا على طيفك ، ونضمك إلى جوانحنا ، نكتب لزوجتك الفاضلة الصابرة السيدة " أم طارق " و أبنائك  ، وللحزانى من شعبك وأهلك وإخوانك وأصدقائك ما كنت أنت ستقوله لهم جميعـًا في مثل هذا المجال ، حول استشهاد مجاهد عنيد من مجاهدي شعبنا البطل .
اليوم عرسك   "أبا طارق" في جنة الرحمن ..
في مقعد صدق عند ملك مقتدر ..
اليوم يستقبلك الشهداء الأبرار و الصديقين و الصالحين  .. وحسن أولئك رفيقـًا ..
هذا هو العرس الذي لا ينـتهي .
في ساحة لا تـنتهي .
في ليلة لا تـنتهي ..
هذا هو العرس الفلسطينيُ .
لا يصل الحبيبُ إلى الحبيبْ .
إلا شهيدًا أو شريدًا .
-- 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024