عـرفـات - عـبـاس .. ومـؤامـرة الأمس واليوم ولكن ..- أ . سامي ابو طير
ما أشبه اليوم بالأمـس ! وكأن الزمن يعود بنا للوراء ، بل كأن التاريخ يُعيد إخراج الأحداث من جديد وبنسخة كربونية من الماضي ، وكل ما سبق ليس كذلك ، ولكن ...
ولكن أجـواء الأمس ورائحته العفنة التي يعـلوا فيها الصوت النشاز الناعـق كالبوم في الخراب هي نفسها تتكرر اليوم ، وشخوص الأمس السحيق هم بعينهم يُعيدون الكرّة ليحاربوا فلسطين وقيادتها الوطنية الثابتة على الحق بنفس الأدوات الهـدّامة وبنفس الشخوص و حتى الأسماء والوجوه لم تتغير.
تلك الوجوه أبت على نفسها إلا الاصطفاف بجانب أعداء فلسطين والسقوط في مستنقع الوحل الأسود الذي صنعته لهم إسرائيل وأمريكا كفخٍ مُحكم للسقوط الأبدي تحت نِعال الأعداء لتُحركهم كالدمى كيفما تشاء و وقتما تشاء ،ومن ثم تُسلطهم كسيوف مسمومة وغادرة على قادة فلسطين وحركة فتح وأبنائها الأبرار لأنهم لم ولن يتنازلوا عن الحق الفلسطيني الثابت والراسخ على هذه الأرض من خلال تمسكهم بإقامة دولة فلسطين وعاصمتها قدس الأقداس .
الكل العالمي بصفة عامة والفلسطيني بصفة خاصة يعلم حجم المؤامرة التي تعرّض لها الشهيد الخالد ياسر عرفات رحمه الله بعد أن عاد من كامب ديفيد ورفض التوقيع آنذاك وأصر إصرارا على التمسك بالثوابت الوطنية وعلى رأسها القدس الشريف ، وبعد عودة "ابو عـمـار" الى المقاطعة الباسلة في رام الله بدأت خيوط المـؤامرة ( المُحاكة سلفاً ) تظهر للوجود للتخلص منه لأنه لم يركع تحت أقدام ونِعال أمريكا وإسرائيل .
المـؤامـرة السوداء كانت مرسومة بعناية فائقة وقامت اسرائيل وأمريكا بإدارتها بخسةٍ ونذالة على جميع الصُعد سواء عالمياً أو عربياً أو محلياً ، وتوالت الأحداث، وتم حصار القائد والفارس الشُجاع ياسر عرفات رحمه الله في مقاطعة الأبطال وظل صامدا مُمسكاً بسيف الحق الفلسطيني حتى نال الشهادة الأعظم التي كان يحلم بها ويتمناها الثائر الفلسطيني الفتحاوي الحُـر منذ مولده وحتى رمقه النضالي الأخير.
ياسر عرفات من أعظم أساطير وثوار الحرية في هذا العصر على الإطلاق و وهب حياته خالصةً لفلسطين والدفاع عن قضيتها من أجل الحرية والاستقلال .
عهدنا لياسر عرفات بأن نسير على دربه حتى النصر أو الشهادة من اجل فلسطين حُـرة عربية وهو نفس العهد الذي قطعه الرئيس محمود عباس ابو مازن حفظه الله ورعاه عندما استلم الراية والأمانة من أخيه الأكبر ياسر عرفات وعاهده بالمُضي قُـدماً نحو الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
المؤامرة كانت خيوطها محبوكة تماما وشارك فيها بعض القادة العرب لدرجة أنهم لم يردوا على مناشدات "ابو عمار" وحتى الاتصال تليفونيا كان ممنوعا وتركوه وحيداً يقاوم الأعداء حتى يلقى مصيره المحتوم .
ولأن الله في عُلاه يُمهل ولا يهمل ولأنه العادل فقد سلّط على أولئك الحُكام شعوبهم بمؤامرة أمريكية جديدة تحت غطاء ما يُسمى بالربيع العربي وأذلهم الله ذُلاً ما بعده ذُل وهـوّان من سجنٍ وقتلٍ وطردٍ و ...
كل ذلك انتقام من الله جراء ما فعلوه من تاّمر وخيانة على الشهيد ياسر عرفات رحمه الله، وها هو التاريخ يُعيد نفسه من جديد ولذلك فليتعظ حكام العرب أجمعين ولا يتركوا ابن فلسطين "ابو مازن" وحيداً في مواجهة اسرائيل وأمريكا وأعوانهما من الخونة الذين باعوا دينهم ودنياهم بثمنٍ بخس .
الغريب والعجيب أن تلك المؤامرة ما كانت لتحدث لولا ذلك التخاذل العربي وما كانت لتحدث نهائيا بدون الأيادي الغادرة والأصابع الخفية التي تعمل في الظلام وفي داخل الجسد الفلسطيني وتمزيقه وتفسيخه من الداخل بالدسائس والشائعات والمؤامرات التي تُحاك في الخفاء والعـلن ضد الرئيس الشهيد ابو عمار ليضرب العدو الاسرائيلي الضربة الأخيرة والقاتلة .
المتآمرون كانوا يتامرون تحت نفس الحجج والذرائع القديمة الجديدة مثل التغيير وضخ دماء جديدة وقيادة شابة وغير ذلك مما نراه اليوم ...
أولئك المتآمرون والمارقون على فلسطين وحركة فتح وصفوا ياسر عرفات بـ "الخرّف" و وصفوا إخوانه العظماء أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح بأنهم مصابين بـ "الزهايمر" وغير ذلك مما يندى له الجبين .
سبحان الله العظيم ها هي الأيام والسنون تدور وتتوالى لنجد اليوم من كان بالأمس يتاّمر على ياسر عرفات أصبح يتغنى به اليوم ويذكر محاسنه وصفاته ومواقفه البطولية ، ويهاجم الرئيس ابو مازن بكل شدة تحت نفس الحجج والذرائع القديمة الجديدة التي هاجموا بها أخيه الأكبر ياسر عرفات رحمه الله.
كل ذلك لإعادة تنفيذ نفس السيناريو التأمري واعادة تمثيل فصول المسرحية الخيانية من جديد ...
لماذا يتم اعادة نفس المؤامرة القديمة على الرئيس "عـبـاس" اليوم للتخلص منه والتمهيد الفاضح لغيرة ؟
الاجابة الواضحة والصريحة التي يعرفها كل وطني شريف لديه الحس الوطني والعروبي وهي أن "العباس" لم يتنازل ولم يُفرط في القدس ولهذا لا ترضى عنه إسرائيل وأمريكا ويهاجمانه ويهددانه بالسر والعلن بالموت ومواجهة مصير ياسر عرفات ، ولذلك بمــاذا سنُسمي العباس ونُطلق عليه من ألقاب ؟
"العـبـاس" ابو مازن رئيس دولة فلسطين هــو وطني شريف وقائد عظيم ودمائه مجبولة بطينة العظماء والأحرار ، ولهذا تُريد اسرائيل وأمريكا استبداله والتخلص منه لعل وعسى يأتي لهم البديل الأخر ليقوم بالتنازل عن القدس والثوابت الوطنية الفلسطينية التي نحلم ونحيا من أجل تحقيقها مثل باقي شعوب الأرض في هذه الدنيا .
ولأن خليفة ياسر عرفات هو الرئيس "عـبـاس" الذي يسير على دربه و رفض التنازل عن تلك الثوابت الوطنية وتمسك بالقدس و رفض الاملاءات الأمريكية وقال لهم لا ثم ألف لا ، وانتزع لفلسطين نصرا يتلوه أخر وأعاد فلسطين للجغرافيا العالمية من جديد وحصلنا على دولة غير عضو مراقب في الأمم المتحدة .
لأن ابو مازن تحدى أمريكا واسرائيل ولم يُذعن لإملأتهما وذهب الى الأمم المتحدة من أجل القدس وإنهاء الاحتلال ورفض المفاوضات الغير مُجدية تحت عباءة العرّاب الأمريكي الغير نزيه والمنحاز لإسرائيل .
ولأن ابو مازن شق عصا الطاعة التي كان يحلم بها الأمريكان واليهود عندما رفض الاستمرار بالمفاوضات بعد رفض اسرائيل اطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى وانضمت فلسطين للعديد من المؤسسات الدولية الأممية بانتظار الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية ومعاهدات روما الأخرى في حال قامت أمريكا بالتصويت ضد المشروع العربي الفلسطيني الأخير بإنهاء الاحتلال خلال جدول زمني محدد بعامين فقط .
إسرائيل وأمريكا ترى في ابو مازن عدوا رئيسيا قام بتعـرية اسرائيل أمام العالم وكشف عوراتها العنصرية وممارساتها التعسفية ضد الشعب الفلسطيني ، ولذلك بدأ العالم من حولنا وخصوصا دول الاتحاد الأوروبي بالاقتناع التام بعدالة قضية فلسطين .
وتعتبر الاعترافات البرلمانية الأوروبية بالإضافة لاعتراف البرلمان الأوروبي نفسه بحق الشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة .... وكل ذلك جاء نتيجة للجهد الجبّار الذي قامت به القيادة الفلسطينية بقيادة السيد الرئيس ابو مازن حفظه الله من أجل قيام الدولة الفلسطينية .
خلاصة الكلام وببساطة فإن "العـباس" وجه ضربات قاضية لإسرائيل على الساحة السياسية والدبلوماسية الدولية وقام بعـزل إسرائيل رويدا رويدا على المستوى العالمي الذي أصبحت كفته تميل بكل قوة مع الحق الفلسطيني بصورة تُمثل نجاح ساحق وغير مسبوق في تاريخ القضية الفلسطينية .
لأجل ذلك ( إسرائيل وأمريكا ) قرروا وأعدوا العُدة منذ وقت ليس بالقصير للتخلص منه والبحث عن قيادة بديلة له لعل وعسى تتنازل لهم عن الحق الفلسطيني الثابت .
لذلك فإن المسرحية الهزلية تُعاد اليوم من جديد بنفس الأدوات والشخوص التي تُباع في سوق النخاسة ، وهذه الأدوات اتخذت نفس الذرائع والحجج القديمة الجديدة بالعمل على تفسيخ البيت الفلسطيني الفتحاوي من الداخل تمهيدا للعدو الإسرائيلي ليضرب من الخارج ،ومن ثم يجلس المارقون على سدة الحكم ،ويحدث ما سيحدث من بقية المؤامرة أو المسرحية الهزّلية المكشوفة لأصغر طفل فلسطيني ولكن .... !
هيهات ثم هيهات لهم ذلك وتلك المـــؤامـــرة بالأمس لن تحدث اليوم مهما تكالبت قــوى الشر والغطرسة على ابن فلسطين البار ورئيسها العباس المتمسك بالحق الفلسطيني الثابت من أجل الوصول الى القدس .
لن تحدث ولن تمـر تلك المؤامرة لأنه بكل بساطة وداعاً للمؤامرات مهما كـبر حجمها ...
لأن فلسطين الأمس تختلف عن فلسطين اليوم ، واليوم فلسطين تمتلك أنياب حقيقية تقاوم بها وتغرسها في الجسد الاسرائيلي المُنهك تحت ضربات الفلسطيني البطل في أروقة الأمم المتحدة ،و غداً في محكمة الجنائيات الدولية إن لم يقبل العدو بجدول انهاء الاحتلال خلال عامين ، بالإضافة الى المقاومة الشعبية الباسلة التي ستُشعل الأرض نارا تحت أقدام اسرائيل حتى الحصول على الاستقلال والدولة والقدس .
القيادة الفلسطينية بقيادة السيد الرئيس ابو مازن أعدت العُـدة لهذه الحرب الدبلوماسية والسياسية في المحافل والمحاكم الدولية والأممية مع العدو الاسرائيلي ، وستنتصر فلسطين مثلما انتصرت جنوب أفريقيا على دولة نظام الأبارتهيد العنصري من قبل ،وفلسطين تسير خطوة تتلوها خطوة أخرى نحو النهاية السعـيدة لإنهاء الاحتلال والحصول على الاستقلال .
لذلك لن تكتمل المؤامرة وسيقف أبناء الشعب الفلسطيني خلف قيادته الوطنية بقيادة السيد الرئيس محمود عباس ابو مازن حفظه الله ورعاه وسدّد خُطاه نحو القدس الشريف ، وسيلتف كل أحرار وشرفاء العالم وعُـشاق الحرية من حول قائد المسيرة الفلسطينية ليحموه ويدافعوا عنه بصدورهم العارية وليردوا عنه كيد بني صهيون و أمريكا وأعوانهما حتى النصر ثم النصر .
سيدي الرئيس محمود عباس ابو مازن ... توكل على الله وسر بنا حيث كتب الله لك والله لن يخذلك أبداً لأنك على الحق الفلسطيني تسير وبه تتمسك ومن أجله تحارب ، ولهذا لن يخذلك الله يا سيدي ..
سيدي الرئيس ... نحن أبناؤك وأحفاد أخيك الأكبر ياسر عرفات رحمه الله ولأنك خليفته وعلى دربه تسير ومن أجل حلمه الكبير تعمل وذاك الحلم سيتحقق على يديك إن شاء الله بعودة قدس الأقداس وقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف .
ولأنك العباس قاهـر الأعـداء نعاهدك بأن نكون المُخلصين لفلسطين ولإبنها البار ابو مازن ، ولو خضت بنا غمّار هذا البحر لخضناه معك .
سيدي الرئيس ... توكل على الله سيدي الرئيس نحو فلسطين والقدس ولا تلتفت لأقـزام ونكرات هذه الأرض لأنهم لا يستحقون وسيكفيك الله مكرهم ليرده الى نحورهم .
ولأنك فـلـســطـين ... كلنا معـاك سيدي الرئيس .
كاتب ومحلل سياسي