لنبنِ حائطا استناديا لحراكنا السياسي - بكر أبو بكر
من الواضح أن الرئيس عباس مقدم على هجوم سياسي "انتحاري" حسب عديد التقديرات لأنه إن أعاد تقديم الطلب للأمم المتحدة لانهاء الاحتلال في أمد زمني محدد فسيواجه مباشرة بالرفض الأميركي – الاسرائيلي وما يستتبعه ذلك من مواجهة دامية لا سيما وظهر الرئيس مسنوداً الى الحائط العربي المائل شديد التمزق والتفتت.
المواجهة الأميركية قد تتخذ أشكالا متصاعدة، لأن تمريغ وجههم بالتراب أمام حلفائهم بالمنطقة العربية عبر اضطرارهم لاستخدام النقض (الفيتو) لن يمر دون ثمن، لأنه يعني أنهم مضطرون لاتخاذ موقف ما لإعادة بعض الهيبة لهم، وماء الوجه أمام العالم الاسلامي، وان لم يفعلوا فالأسهل أن يصعّدوا ضد الطرف الضعيف بالضغط عليه بقسوة وهو نحن وباتهامنا بشتى التهم التي ترفع عن كاهلهم الاحساس بالحرج.
توافق التصعيد الأميركي – الاسرائيلي مع المحور الاخواني – الحمساوي يعني رفع درجة التأهب أمام الحُمُر المستنفرة من صغار الشباب المعبئين ضد السلطة وحركة فتح والرئيس عباس ضمن معادلة الكفر والخيانة أو الردة أو النفاق حيث لن نجد أسهل من اشتعال الحمية الحزبية المغلفة بالدين في شخص أو مجموعة لتنفذ أعمالا تخريبية ضد قيادات أو مؤسسات وطنية ابتغاء وجه الله تعالى، وتنفيذا للمستوى المتصاعد من الخطاب التحريض والاتهامي والشتائمي الهابط لحماس المستمر منذ عدة شهور.
إن الحل الفلسطيني يمكن من خلال 3 مستويات: يمكننا العمل على عقد مؤتمر وطني أو عربي لدعم المقاومة الشعبية الشاملة برعاية وحضور وكلمة الرئيس عباس ينتج برنامجا نضاليا صارما محددا ببرنامج يومي تصاعدي ينعكس في الشارع وعلى كافة الأطر والفئات والمستويات.
أما ثانيا فيجب فكفكة معادلة التوترات العربية حيث المطلوب تأمين غطاء عربي قوي عبر تمتين التحالف المصري السعودي (والخليجي) الجزائري ثم المغربي وصولا لكافة أجزاء الأمة.
لقد تقاسمت السعودية مع إيران السيطرة على المنطقة عامة في كل من سوريا والعراق ولبنان أو هكذا تبدو المسألة لبعض المحللين، فالسعودية لها النفوذ في هذه البلدان عبر المكونات السنية، وبالعكس فيما يتعلق بإيران مع المكون الشيعي، وراعي اللعبة الأول هو أميركا والمستفيد الأول هو (اسرائيل).
ولأن ايران محاصرة بأسعار النفط وتخصيب اليورانيوم والعقوبات ورغم تمددها بالبلدان المذكورة إلا أن الوجود السعودي إزعجها بشدة فدعمت التقدم الحوثي باليمن علنا لتضرب السعودية في خاصرتها وتطل على البحر الأحمر، كما ستدعم "حماس" وإن على مضض لأنها بحاجة لمنفذ على المتوسط بعد انكسار سوريا.
في اللعبة السنية – الشيعية، السعودية (الخليجية) – الايرانية هنا يكمن الدور الفلسطيني في معادلة تصعيد مستوى التقارب وكشف الخلل وتحقيق التوازن العربي-الاقليمي، أو التوافق على كثير من الملفات بما قد يقي المنطقة من تدهور أكبر، في الملفات المشتعلة، وبما يحفظ علاقتنا مع اللاعبين جميعا مصداقا لرؤية الحركة في الحفاظ على الوفاق العربي والاسلامي حول فلسطين.
إن تدهور المنطقة لصراع طائفي في مصلحة "الدولة القومية اليهودية"، وفي مصلحة تجزيء الأمة العربية وتسييد (لإسرائيل)، وإضعاف ايران بمعنى جعل (إسرائيل) الحاكم المطلق للمنطقة بلا منازع، لذا قد نستطيع تركيب معادلة يكون لنا فيها دور مهم في إحداث التقارب الايراني – العربي بوضوح تام للأهداف ومقدار المصالح.
في ظل تنافس المحور السني (المصري الجزائري السعودي) المناهض للإخوان المسلمين (تركيا، قطر، الاخوان) بدأت بذور خلاف كبير تبرز بين مصر والمغرب اثر زيارة الملك محمد السادس لاسطنبول ولسبب التقارب المصري الجزائري، ما جعل الاعلام المغربي يستشيط غضبا ويشتم في الحكم المصري والعكس بالعكس ولأول مرة، وهنا يأتي دورنا في إعادة المياه لمجاريها وضبط ايقاع التعاون.
أما على الصعيد الداخلي وهذا ثالث الأثافي فإن سياسة مشاركة أوسع قد تحقق فرصاً أفضل لنا للخروج من المأزق من خلال إعادة بناء تحالف وطني واسع مع كافة التنظيمات بما فيها الجهاد الاسلامي، وما لا يمنع مد خيوط مع بعض قيادات "حماس" غير الملطخة ألسنتها بالتحريض أو يداها بالتخريب هذا في ظل فقدان الأمل من المصالحة نتيجة سياسة حماس العامة خاصة في غزة المناهضة للسلطة والساعية للانقلاب عليها شعبيا أو وطنيا أو بإفقادها الشرعية الجماهيرية والشرعية المبدئية .
إن امكانية الدعوة لمجلس مركزي او حتى مجلس وطني في هذه المرحلة أصبحت مهمة للتفكير أو النظر بها علّنا نجد بالتقارب منافذ حل جديدة أيضا.
إن تكامل عملنا على الملفات الثلاثية الميداني المقاوم مع ملف بناء الجدار العربي، وتصليب الموقف الفلسطيني الوطني عوامل ثلاثة رئيسة وداعمة للخط السياسي الذي يسعى للاشتباك القانوني والسياسي والدبلوماسي الخارجي مع الدولة العبرية، كي لا يكون حراكنا عملية انتحارية أو بلا حائط استنادي صلب.