المعاهدات الدولية والدولة الفلسطينية - د.مازن صافي
بداية نسجل رأينا بأن الإدارة الأمريكية المتعاقبة وصولا إلى الإدارة الأمريكية الحالية فشلت فشلا ذريعا في تنفيذ أي من برامج السلام الذي أطلق عليه الرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات "سلام الشجاع" وقام بالتوقيع على وثائقه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعُرف ذلك بــ" اتفاقية أوسلو" وما تلاها من تعديلات وتحسينات ومعالجات بقيت في غالبها تمثل ترجمة حقيقة لعجز السياسة الأمريكية ومماطلة الحكومات الإسرائيلية وبل العنجهية والإجرام ضد شعبنا الفلسطيني .
الإدارات الأمريكية بانحيازها الكامل للمحتل الإسرائيلي تثبت أنها لا تؤمن بأي مبادئ قامت عليها "الثورة الأمريكية " أبان التحرير وقيام الولايات الأمريكية، وهي تتجاهل وتحارب "الثورة الفلسطينية" منذ انطلاقها في العام 1965، وبالرغم من كل الإجراءات التي قامت بها منظمة التحرير الفلسطينية لإثبات حسن النوايا والتماشي مع واقعية المتغيرات الدولية، إلا أن هذا كان مقابله، مزيدا من التعنت الأمريكي في قبول الحقوق الفلسطينية وقيامهم باستخدام الفيتو ضد أي مطالب فلسطينية مشروعة مستندة إلى الشرعيات والقرارات الدولية.
وقبل أيام وفي خطوة إيجابية ومطلوبة قامت القيادة الفلسطينية بتقديم طلب انضمام دولة فلسطين إلى المعاهدات الدولية، وهذا الطلب سوف يدخل حيز التنفيذ في مارس القادم، والانضمام يعتبر استحقاق سيادي لدولة فلسطين، ولأن هذه الاتفاقيات كان يمكن التقدم بها عقب قبولها عضواً مراقباً في الأمم المتحدة في نوفمبر 2012 أي قبل أكثر من عامين، واستمر الحراك الدولي الدبلوماسي الفلسطيني منذ ذلك التاريخ، حتى خذلتنا الأمم المتحدة قبل أكثر من أسبوع برفض طلب إنهاء الاحتلال خلال السنوات الثلاثة المقبلة، وبهذا لم يعد أمام الرئيس أبومازن والقيادة الفلسطينية إلا استخدام هذا الحق والذي يعتبر من البدائل الناجحة والمطلوبة، وهنا على الولايات المتحدة ألا تقف ضد حقنا المشروع، وعليها ألا تقوم بالتهديد بوقف المساعدات للشعب الفلسطيني، فلم يعد ممكنا بعد اليوم الرضوخ لأي من هذه الابتزازات السافرة والتي تكشف وجه الإدارة الأمريكية، وليس صحيحا أن الطلب الفلسطيني يتناقض مع مشروعية الدولة الفلسطينية كما يدعي الناطقين الأمريكان، ولكن عليهم تشجيع هذا الحق الفلسطيني وتدعمه كوسيلة لإجبار الاحتلال على إنهاء احتلاله والتسريع في قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس والانتهاء من إحقاق كافة القضايا النهائية المعطلة منذ أوسلو وحتى اليوم .
ملاحظة: بتقديم الطلب الفلسطيني على الإدارة الأمريكية قراءة الواضع السياسي الفلسطيني بعيدا عن سياسة الهيمنة واعتبار (إسرائيل) الضحية.