قسو الهداية
اوقفتنا "هدى" المتخمة بالثلج والبرد القارص، عن العمل لثلاثة ايام، لكنها اوقفت فقراء ومشردين هنا وهناك عن الحياة، حيث الخيام التي لا سقوف عازلة لها، وجدرانها مطايا الريح القاسية، ولا مواقد تكفي لدفء العافية ... !!
نتكلم عن اللاجئين الذين هناك على العديد من الحدود العربية، وعن اهلنا الذين دمرت الطائرات الحربية الاسرائيلية بيوتهم وشردتهم في قطاع غزة، والذين ما زالوا ينتظرون ان تخرج عملية اعادة الاعمار من مناكفات حركة حماس وانانيتها السلطوية والحزبية ... !!
ولعلها ليست مصادفة ان تحمل هذه العاصفة المؤلمة اسم "هدى" فلطالما كان الألم بعض مفاتيح الهداية، وكأن المجازهنا بمفارقته البليغة، يحاول هداية السياسات الانانية ذات المصالح الضيقة والخاصة، فلربما تكون ممكنة اذا ما أدرك وتحسس اصحاب هذه السياسات بقلوب انسانية، مقدار الألم الذي تخلفه عاصفة من هذا النوع للفقراء والمشردين، اصحاب الخيام وبيوت الصفيح المثقلة بالعوز والهم والقلق. لا نتكلم عن ألم الموت بسبب البرد القارص فحسب، بل الاكثر قسوة ألم البرد بحد ذاته حين يتكالب حتى على العظم، وحين يصبح الدفء بعيد المنال وكأنه المستحيل ...! !
لا ليس عبثا هذا الاسم "هدى" لهذه العاصفة، وأيا كان الاسم فالنوائب تحث على الهداية وتؤشر الى دروبها، ولطالما نهضت أمم من تحت ركام الكوارث والنوائب على اختلاف انواعها، بعد ان اهتدت الى طريق البناء والاعمار بعيدا عن دروب السياسات الضيقة والمصالح الانانية.
إن طريق اعادة الاعمار في غزة ليست طريقا مغلقة إلا بتعنت حماس، واصرارها على تحويل هذه العملية الى مشروع سياسي يؤمن لها بقاء اطول في سلطة الامر الواقع التي ما زالت تفرضها بقوة القمع والعسف الذي هو السير بلا هداية.
أنها "هدى" التي تهدينا الى مثل هذا القول بما تفعله بأهلنا هناك في غزة، وهناك على تلك الحدود، لكن هل بوسعها أن تهدي اصحاب تلك السياسات الظالمة الى امثولتها، ليدركوا غاية المعنى في مفارقته القاسية، وسبحان الذي اهدانا الى نور الحق يوم بات ظلام الجاهلية لايحتمل.
والهدى المحصلة من التقوى، فاتقوا الله في عباده لعلكم تفلحون.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير