هل بمقدور واشنطن عرقلة انضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية ؟ عزت ضراغمة
يبدو ان ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما، خاصة وزير خارجيته جون كيري والكونغرس الاميركي واللوبي الصهيوني " اليهودي " في الولايات المتحدة، لن يستسلموا لامر انضمام فلسطين الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، دون ان يستخدموا كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة لعرقلة المسعى الفلسطيني هذا، لما له من تداعيات وانعكاسات وتهديدات على الممارسات والسياسة الاحتلالية الاسرائيلية المناهضة لكل القوانين والانظمة والاعراف الدولية.
وزارة الخارجية الاميركية أعربت على لسان المتحدثة باسمها جنيفر بساكي يوم الخميس الماضي عن استهجانها لقبول عضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية، حيث قالت ان الولايات المتحدة لا تعتقد أن فلسطين دولة ذات سيادة، ولذلك فهي غير مؤهلة لعضوية المحكمة الجنائية الدولية، مدعية خلال مؤتمرها الصحفي الذي عقدته للتلويح والتلميح بتهديداتها ضد الفلسطينيين أن هذه الخطوة ستؤدي لنتائج عكسية وتلحق الضرر بأجواء المعنيين الذين سيعقدون السلام مع الفلسطينيين في نهاية المطاف، وإن هذه الخطوة لن تفعل شيء بالدفع قدماً لتحقيق طموحات الفلسطينيين في قيام دولتهم المستقلة".
وبعكس تصريحات الامين العام للامم المتحدة بان كي مون التي قال فيها ان عضوية فلسطين في محكمة الجنايات الدولية ستبدأ اعتبارا من الاول من شهر نيسان المقبل باعتبار انضمامهم لهذه المحكمة التابعة للامم المتحدة حقاً مشروعاً بعد أن اكتسبوا وضعية الدولة غير العضو في الأمم المتحدة، بقرار من الجمعية العامة". لوحت بساكي بما قد يواجهه الفلسطينيون من ردات فعل اسرائيلية واميركية حيال موقفهم هذا، وقالت: يمكن أن تفضي هذه الخطوة الاستفزازية إلى فرض عقوبات على الفلسطينيين من جهة إسرائيل والولايات المتحدة، وكذلك تعريض المناطق الفلسطينية وإسرائيل لتحقيقيات دولية في جرائم حرب..).
وقبل يومين ظهر المبعوث الاميركي الاسبق لعملية السلام دينيس روس وحذر الفلسطينيين من النتائج المترتبة على موقفهم بالتوجه لمحكمة الجنايات الدولية، وساق سلسلة من التهديدات التي سيواجهها الفلسطينيون وفي مقدمتها وقف المساعدات المالية الاميركية التي تذهب في غالبيتها الوكالة الاميركية للتنمية الدولية "USAID"، الى جانب تبريره للمواقف الاميركية المنحازة الى اسرائيل والقاء مسؤولية فشل العملية السياسية على عاتق الفلسطينيين وفقما زعم روس.
الرئيس محمود عباس الذي اعتبر توقيعه على اتفاقيات الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية ومنظمات وهيئات اممية اخرى انما جاء بعدما طفح الكيل بالفلسطينيين وانسداد اي افق سياسي امامهم في ظل مواصلة اسرائيل لاعتداءاتها وجرائمها وارهابها دونما موقف جاد وحازم من جانب الولايات المتحدة الحليف والداعم الاكبر والرئيس لاسرائيل، ولهذا فان احدا في العالم العربي وفي العالم اجمع لن يؤنب الفلسطينيين على توجههم المشروع هذا.
دوائر دبلوماسية وانباء تتوارد من واشنطن افادت ان ادارة الرئيس اوباما بدأت باتصالات دولية واقليمية لممارسة ضغوط على الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية، وقيل حسبما تسرب من معلومات وانباء ان واشنطن طلبت من بعض الدول العربية رفضها المشاركة او دعم شبكة الامان المالية التي يطالب بتوفيرها الفلسطينيون لهم في حال وقف المساعدات الاميركية وتجميد تحويل اموال الضرائب الفلسطينية من قبل حكومة نتنياهو.
ومن المؤكد ان الرئيس ابو مازن ورئيس حكومته على معرفة تامة بكل ذلك، لا سيما وان الدكتور رامي الحمد الله زار بعض الدول العربية لطلب العون لاخراج حكومته مما قد تواجهه من ازمات مالية تزيد من حدة ما تعانيه خزينتها من ضائقة، لا سيما في ظل تلويح حركة حماس بتشكيل هيئة جديدة لادارة قطاع غزة وتقويض جهود حكومة الوفاق الوطني في بسط نفوذها على مؤسسات ووزارات غزة ومعابرها، ووضع حركة حماس عصا رواتب نحو خمسين الفا ممن عينتهم بعد الانقلاب بين دوليب مركب الحكومة وخططها لاعادة اعمار ما دمره الاحتلال في حربه الاخيرة على القطاع.
ويأمل الفلسطينيون ان تتكلل مساعي ومباحثات الرئيس ابو مازن واتصالاته بأشقائه العرب وزيارته الى تركيا يوم غد الاثنين في التغلب على الكثير مما ينتظر حكومته من مخاطر خاصة الاستجابة العربية الفعلية في توفير شبكة الامان حتى لا يكون بمقدور واشنطن وحليفتها اسرائيل من عرقلة تحقيق المطالب المشروعة للشعب والدولة الفلسطينية.