الإرهاب واحد وإن تعددت أسماؤه - يحيى رباح
تضامن مع فرنسا التي ضربها الإرهاب في أعظم وأجمل قيمها التي نشرتها منذ الثورة الفرنسية العظيمة، وهي حرية الإنسان ممثلة بحرية الإبداع والاعتقاد والتعبير، وندين إدانة بالغة الاعتداء الذي تعرضت له مجلة شارلي إيبدو الساخرة، وسقط من خلاله ثلاثة وعشرون بين قتيل وجريح، ونرجو للاجتماع الدولي الذي دعت له باريس اليوم الأحد، أن يكون نقطة تحول فارقة في مواجهة الإرهاب الذي يمتد من ليبيا إلى اليمن ومن مصر إلى سوريا والعراق ولبنان وفلسطين، وصولاً إلى نقاط كثيرة في العالم، وأن تتوحد الرؤى الإقليمية والدولية حول مفهوم الإرهاب، فلا يكون هناك إرهاب إسلامي وغير إسلامي، ولا يكون هناك إرهاب متطرف وارهاب معتدل، ولا يكون هناك إرهاب فردي وإرهاب جماعي، فهذه التقسيمات كلها جاءت نتيجة المصالح المتباينة، ورؤى قصيرة النظر، فالعالم كله يعرف منذ السبعينيات عبر التجربة الأفغانية، أنه لا أحد بمأمن من الإرهاب حتى الذين يرعونه ويقدمون له التسهيلات، وأن الإرهاب يتناغم مع بعضه، ويعتمد على بعضه بشكل كبير وغير مباشر، فلقد رأينا كيف أن الإرهاب الإسرائيلي بكل أشكاله، سواء إرهاب الدولة، وإرهاب الاستيطان، وإرهاب المجموعات الإسرائيلية هو الذي يشكل غطاء لكل مجموعات الإرهاب في المنطقة، حتى رأينا في نهاية المطاف أن هذا الإرهاب بدأ يتلقى التدريب في إسرائيل، ويحصل على السلاح من إسرائيل، وربما المعلومات الاستخبارية من إسرائيل، ولذلك يرى الكثيرون أن موجة الإرهاب الأخيرة في فرنسا هي أعمق من شابين مسلمين، بل هو استهداف للدور الفرنسي الأخير في التصاعد والحضور، وكان له هذه النقلة النوعية بالتصويت لصالح المشروع الفلسطيني العربي في مجلس الأمن في نهاية الشهر الماضي!!! وهكذا فإن الإرهاب يتغطى، بعناوين مختلفة بينما الجوهر واحد، فهو جسم ضار جداً، ومأجور تماماً، بلا هدف سوى الإرهاب، بلا مبادئ سوى الأذى والضرر والخراب.
وانطلاقاً من ذلك:
فإنه لا يجوز أن يكون لكل دولة، خاصة الدول الكبرى تعريف خاص بها للإرهاب، فعندما نصنف القاعدة وداعش وجبهة النصرة منظمات إرهابية، فيجب أن نصنف الاخوان المسلمين بكل تفريعاتهم في القائمة نفسها، ويجب أن نصنف الاستيطان الإسرائيلي في قلب هذا الإرهاب الدولي، والتحية للوحدة الوطنية الفرنسية التي سوف تهزم الإرهاب بكل تأكيد.