الجنائية الدولية ترعب إسرائيل -عمر حلمي الغول
دولة التطهير العرقي الاسرائيلية أصابها الهلع والذعر بعدما أعلنت فاتو بن سودا، المدعية العامة في محكمة الجنائية الدولية عن مباشرة التحقيق في جرائم الحرب الاسرائيلية، حتى قبل المصادقة النهائية على عضوية فلسطين الكاملة فيها. لان قوانين الجنائية يسمح لها، في حال قبول طلب التحقيق من قبل الطرف المدعي على دولة اخرى نفذت جرائم حرب.
قادة إسرائيل من نتنياهو الى لبيرمان الى بينت وحتى المعارضة، جُن جنونها، وفقدت اعصابها، وباتت تلقي التصريحات يمينا وشمالا دون وازع سياسي او قانوني او قيمي، وهدد وزير الفساد ليبرمان بالعمل على "حل المحكمة"، كما طالب دولته ب"عزل" الرئيس ابو مازن عن موقعه، وطالب كل من المانيا وفرنسا وبريطانيا واميركا بالحؤول "دون ممارسة" المحكمة لدورها، ووصف قرار المحكمة ب"المخزي، وهو ما صرح به ايضا رئيس الوزراء المتهالك، الذي رفض قرار المحكمة، واعتبر انها "لا تملك سلطة قضائية على فلسطين، بما ان هذه الاخيرة ليست دولة، حسب قواعد هذه المحكمة بالذات"! وطالب جون كيري، وزير خارجية الولايات المتحدة بالتدخل لمنع المحكمة من ممارسة دورها. مدعيا دولته "إسرائيل تحارب "الارهاب" وفقا للقانون الدولي، ولديها نظام قضائي مستقل"؟!
من خلال التمعن بمواقف القيادات الاسرائيلية المذعورة، يلحظ المرء، انها اولا تطاولت على المحكمة الجنائية الدولية؛ ثانيا شاءت ان تلوي عنق الحقيقة، وتدعي ماليس فيها، حينما يقول نتنياهو، ان دولته، "تحارب الارهاب"، والحقيقة إن إسرائيل منذ وجدت وقبل ذلك، وهي تنتج الارهاب المنظم، والذي جله وجهته لضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني؛ ثالثا مطالبة دول الغرب (أميركا واوروبا) بالتدخل لثني المحكمة عن ممارسة صلاحياتها ودورها كحامية لحقوق الانسان من انظمة وقوى البطش الارهابية؛ رابعا مواصلة التنكر لمكانة دولة فلسطين، حيث تساوقت معها الادارة الاميركية في هذا الاتجاه، عندما اعتبرت، ان فلسطين "ليست مؤهلة لعضوية المحكمة"؟! وهو ما يعني منح إسرائيل الضوء الاخضر لاستباحة دماء الفلسطينيين؛ خامسا الذهاب بعيدا في ارهابها وجرائمها (إسرائيل) حين يدعو وزير خارجيتها ليبرمان ب"التخلص" من الرئيس ابو مازن؟! وهو ما يكشف عن جريمة جديدة، ويفضح الوجه الحقيقي للدولة الاسرائيلية، كدولة معادية للسلام، ومؤصلة للحرب والعدوان.
مع ذلك، واي كان شكل التهديد والوعيد الاسرائيلي، فإنها لن تثني القيادة الفلسطينية، والرئيس عباس عن مواصلة دورها كقائدة لتحرر الشعب الفلسطيني، وتحقيق اهدافه في الحرية والاستقلال وتقرير المصير وضمان حق العودة للاجئين. وصراخ نتنياهو وليبرمان، على ما يحمله من اخطار حقيقية ضد شخص رئيس الشعب الفلسطيني كما فعلوا مع سلفه الزعيم الشهيد ياسر عرفات، فإن إسرائيل واهمة إذا إعتقدت للحظة إمكانية تراجع القيادة عن مواصلة جهودها في مطاردة حكام إسرائيل كمجرمي حرب امام محكمة الجنائية الدولية وغيرها من المنابر الاممية.
كما تملي المسؤولية لفت نظر قادة دولة العدوان والاحتلال الاسرائيلية إلى جهلها وغباءها في قراءة المرونة السياسية الواقعية للقيادات الفلسطينية، التي دخلت حلبة التسوية السياسية من موقع المدافع عن الحقوق الوطنية لا من موقع التبعية او التفريط بتلك الحقوق. ويخطىء قادة إسرائيل، في حال إفترضوا إمكانية وجود شخص فلسطيني يقبل التنازل عن الحد الادنى من الحقوق الوطنية. وبالتالي مواصلة نتنياهو وليبرمان وباقي الجوقة الارهابية الاسرائيلية، سيحتم على الرئيس عباس وقيادة منظمة التحرير اللجوء لسيناريوهات اخرى اقلها وقف التنسيق بكل اشكاله وخاصة الامني، وغيرها بما في ذلك تسليم مقاليد الامور كلها لدولة الاحتلال الاسرائيلية، لتتحمل مسؤولياتها على الصعد المختلفة.