الاحتلال يهدم منشأة تجارية ومنزلين ويجرف اشجار زيتون في حزما وبيت حنينا    "التربية": 12,820 طالبا استُشهدوا و20,702 أصيبوا منذ بداية العدوان    الاحتلال يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة    إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة    الأمم المتحدة تطلب رأي "العدل الدولية" في التزامات إسرائيل في فلسطين    عدوان اسرائيلي على مخيم طولكرم: شهيد وتدمير كبير في البنية التحتية وممتلكات المواطنين    الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان  

"التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان

الآن

ملاك تحت المطر...- عيسى قراقع

على حاجز "جبارة" العسكري في طولكرم رايتها تنزل من سيارة عسكرية اسرائيلية، تحمل حقيبة صغيرة، وتمشي بثقة وعلى مهل، تقطع الحاجز، تتجاوز الجنود، مبتسمة، رافعة الرأس، تنظر الى الامام، تتهادى كفراشة تطير فوق سماء منخفضة، تعانق والديها والناس المنتظرين المبلولين بزفة المطر في تلك الظهيرة...

هي الاسيرة المحررة الطفلة ملاك الخطيب، والتي افرج عنها بعد شهرين من اعتقالها، عادت في نهار شتوي حميم، السماء تصب ماءها دافقاً وغزيراً وشديداً، المطر يغسل الارض ويدق التراب والحجارة، يحتفل المطر معنا باستقبال ملاك الصغيرة، هناك نكهة اخرى للهواء البارد، هناك غيوم تنام على وسادة الحب، تهز النجمة وترقص في الافق.
 
رايتها تقلب كلماتها الساخنة، تقلد خطواتها واشاراتها الاحصنة، تعلم الطقس تواضع الغبار، تزفر احلاماً وتنعف كواكباً بين الناس، كانها رسالة طويلة كتب فيها اسماء اكثر من 300 طفل وطفلة لا زالو في السجون، وملاك تقلب الصفحات وتشير اليهم، اعمارهم، وجوههم البرئية، جراحهم الدفينة، خرابيشهم الحبيسة، صراخهم في الليل دون ملجأ.
 
ملاك تحت المطر، تقطع الحاجز، تمزق المشهد بين السجن وبين الحرية، عيناها تحملقان في امها وهي ترفع منديلاً، وتجري في لهفة تتموج عن شهوة الامهات، عندما يرفعن عكازة الامل، وقلباً لا تتسع حدوده لكل المعذبين الساكنين في السجون وفي الاوردة.
 
اهي الطفلة العائدة من المدرسة ام من السجن؟ يتساءل الجنود المذهولين وهم يشاهدون طفلة في ثوب امراة، وامراة في ثوب من برق ورعد وضوء ومطر...
 
اهي الطفلة العائدة من سجن الشارون؟ تحمل في حقيبتها وصايا واحد وعشرين اسيرة؟ ام هي لؤلؤة النهار تختبيء في صدفة الوقت كانها النار والماء والصرخة في آن معا؟ وقد رايت امامي البراءة في سرير يمشي على الارض، مكبلاً سوى من يدٍ تحرك ذلك الموج...
 
ملاك تحت المطر...، اليوم كان الجمعة، سمعنا الآذان وراينا هلالاً يتلو على السماء ما سيكون بعد قليل، يطمئن البشر القاطنين بين بحرين وجبلين ومسجدين وكنيستين ان اصابع الشمس قد ظهرت اخيراً في كف ملاك، وان الزرع بدا ينبت في اجساد الشهداء عالياً، وان الارض كلها ماء، هناك رعد في الصدر، وهواء في الرئتين ونوافذ مفتوحة في سجن عسقلان...
 
ملاك تحت المطر، روت للصحفيين قصتها القصيرة الطويلة، طفلة مكبلة، معصوبة العينين، محشورة في غرفة التحقيق، جدران مدببة، ضوء باهت، سجان متطرف لا يتقن اي لغة، ليل له رائحة انفاس متعفنة، صراخ خلف الابواب، تهديد ووعيد ودماء جافة على بطاطين عتيقة.
 
وتروي ملاك انها قابلت في رحلتها دولة نووية، تملك جيشاً قوياً وطائرات ودبابات وصواريخ وقنابل ذكية، متضخمة عسكرياً وعنصرياً، تخشى اطفال فلسطين لأن الاسطورة قالت انهم الذين يحرسون ابواب الجنة والنصر والبسمة عندما تسقط الاقنعة...
 
وتروي ملاك، انهم عكفوا على وضع لائحة اتهام طويلة منذ كانت نطفة فعلقة، وانها خطيرة على امن دولتهم، ما دامت تجيد الغناء وضرب الحجارة وحفظ درس التاريخ منذ النكبة حتى آخر جثة في رمال غزة..
 
ملاك تحت المطر، سفيرة العواصف العاتيات والبروق الاتيات، ابنة الضمير الذي لا زال ساكناً وبارداً هنا وهناك، الغائبة في السجن عن ساعة الفطور وطائرات الورق، العائدة من الظلم الاحتلالي الى اقفاص تمتد من ثدي السماء الى تابوت الجسد...
 
ملاك تحت المطر
اهلاً بعودتك يا ابنتي
البسي مريول المدرسة
وانطلقي..
انت قطر الندى باقية
عدل الحياة..
تسكنها الريح والماء والعافية

-- 

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024