هدنة حماس مع اسرائيل - سري القدوة
تثير تلك العروض التي تقدمها قيادة حركة المقاومة الاسلامية حماس حول الاستعداد للدخول في هدنة مع اسرائيل لخمس سنوات او اكثر مقابل رفع الحصار عن قطاع غزة الكثير من التساؤلات المشروعة .
وكانت آخر تلك العروض قد صدرت عن رئيس حماس في غزة اسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ، والذي حاول من خلاله تمرير مشروع حماس للاستمرار السيطرة علي قطاع غزة من خلال دعم اسرائيلي واضح لحماس والموافقة علي اتمام صفقة التهدئة ويعني ذلك في المحصلة النهائية اعتراف اسرائيل بحركة حماس وبدويلة غزة التي تسعي هذه الحركة علي اقامتها .
ان ( هدنة اسماعيل هنية ) والتي قال عنها انها هدنة مع العدو ، ولكن في إطار الجغرافيا والمشروع الوطني وبشرط الا تكون على حساب تفرد اسرائيل بالضفة الغربية ، دون ان يوضح لشعبنا الفلسطيني ما الذي يعنيه السيد هنية بتفرد اسرائيل في الضفة الغربية ، وهل يعني ذلك أن تتوقف اسرائيل عن جميع نشاطاتها الاستيطانية وعن أعمال الترانسفير والتطهير العرقي وهدم منازل المواطنين فوق رؤوسهم في القدس وفي مناطق الاغوار الفلسطينية والتوقف عن الاعتقالات الجماعية والاستيطان في الضفة وغيرها من الانتهاكات الاسرائيلية لحقوق الانسان الفلسطيني تحت الاحتلال .. ولم يوضح السيد هنية ما موقفة من قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير والتي اكدت فيها القيادة الفلسطينية علي وقف التنسيق الامني مع اسرائيل .. ام ان السيد هنية لا يعتبر ان هدنته تأتي خارج الاجماع الفلسطيني والموقف من الاختلال ..
ان ( الهدنة الحمساوية ) مع الاحتلال بهذه الطريقة تعني شيء واحد توجيه الضربة الي منظمة التحرير وان تطرح حماس نفسها بديلا عن المنظمة التي هي بالأساس مسؤولة عن المفاوضات مع الاحتلال وتمثل الشعب الفلسطيني وانه من الواضح بان اختيار التوقيت من قبل قادة حماس للإعلان فيه عن الهدنة مع اسرائيل يأتي في ظل ( فوز نتيناهو ) واعلان الاخير عدم استمرار التفاوض مع الرئيس محمود عباس والسلطة الفلسطينية .. وهنا يكون البديل جاهز علي حسب ما يبدو وهو ( حركة حماس ) وهدنتها المشبوه والتي تأتي علي حساب برامج منظمة التحرير الفلسطينية والتوافق الوطني الفلسطيني ومشروع اقامة الدولة الفلسطينية ..
ان هدنة السيد اسماعيل هنية تأتي ضربة لقرارات المجلس المركزي الاخير والتي اكدت علي ( وقف التنسيق الامني ) مع الاحتلال الاسرائيلي وهذا يعد تناقضا واضحا للسياسة الفلسطينية ومستقبل الدولة الفلسطينية وخاصة بعد الاعلان عن مواقف الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية من حكومة الاحتلال بعد اعادة انتاج نيتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية الاخيرة وموقفهم من الدولة الفلسطينية وضرورة اقامتها ..
ان هدنة حماس في ظل هذا ( التقاطع السياسي ) تعني شق الموقف الفلسطيني والخروج عن الاجماع الوطني وتقديم هدنة مجانية للاحتلال علي حساب مواقف منظمة التحرير الفلسطينية والتي هي ( الدولة ) وليست حزبا في الدولة .. وبذلك يكون المستقبل الوطني للشعب الفلسطيني معرض للخطر في ظل دعوات قيادات من حماس للهدنة المجانية والخاصة بهم مع اسرائيل في قطاع غزة .
ان محاولات قيادة حماس اليوم تسويق فكرة ( ادارة غزة ) ضمن المبعوثين الدوليين الي غزة وعبر وساطات اوروبية هي محاولات مارقة وعابرة وهي خروجا عن الاجماع الوطني والموقف الفلسطيني الذي توافقت عليه كل الفصائل الفلسطينية في اتفاق القاهرة وحتي اتفاق الشاطئ الاخير الذي انتج حكومة التوافق الفلسطينية ..
ان حكومة الاحتلال الاسرائيلي باتت تعمل وبوضوح علي اضعاف السلطة الوطنية وخاصة بعد اعادة انتاج نيتنياهو كرئيس وزراء لإسرائيل من خلال سحب البساط السياسي من تحت اقدام القيادة الفلسطينية والرئيس محمود عباس وما مسلسل الفشل السياسي ورفض اسرائيل تطبيق التفاهمات السياسية وعدم نجاح عملية السلام واستمرار عمليات القتل والاعتقالات والحصار على المحافظات الفلسطينية وخاصة في الضفة الغربية الا دليلا واضحا علي ان حكومة الاحتلال تسعى إلى تحقيق أهدافها العدوانية وتحاول بث الفتنة وإضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية تزامنا مع ما حققه النظام السياسي الفلسطيني من نجاحات دولية وفي مقدمتها الحصول علي الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية والالتحاق بكافة المؤسسات الدولية والسعي الي محاكمة اسرائيل عبر محكمة الجنايات الدولية .
ان اسرائيل ومن خلال ماكنتها الاعلامية تعمل على تقديم الصورة المعكوسة للعالم بأنها هي الضحية والشعب الفلسطيني هو المجرم.. كل ذلك يتناغم مع مسلسل اسقاط السلطة الفلسطينية والسعي الي فرض شخصيات بديلة عن الشرعية الفلسطينية التي اكتسبت بالدم وبمحصلة الانتصارات التي صنعتها الثورة الفلسطينية من خلال الشهداء والجرحى والمعتقلين في محاولة فاشلة لإحباط المشروع السياسي الفلسطيني واسقاط منظمة التحرير الفلسطينية .
ان تمسك جماهير شعبنا الفلسطيني بالقضية الوطنية وبالمشروع الوطني القائم على إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس وفي ظل هذا العدوان وهذه المؤامرات التي تحاك ضد شعبنا وقيادتنا يكون لزاما علينا التمسك اليوم بخيار الدولة الفلسطينية ومحاربة مشاريع التصفية التي يقودها بعض القيادات المتآمرة علي الشعب الفلسطيني والتي هي هدفنا الاستراتيجي والوحدة الوطنية طريق بناء الدولة، وأن نعمل علي تدعيم هذه الحقوق من خلال الدعم العربي والدولي لقضيتنا الفلسطينية ونضالنا الوطني وهدفنا المقدس .
ان شعبنا الفلسطيني متمسك بالوحدة الوطنية كخيار استراتيجي ثابت في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي ومحاربة عنجهية الاحتلال وتعرية جيشه والكشف عن جرائم اسرائيل وحكومتها امام العالم اجمع لذلك كان تشكيل وفد منظمة التحرير الفلسطينية للذهاب الي غزة ضرورة ملحة والتي سارعت حركة حماس بالإعلان عن شروطها لاستقبال الوفد في محاولة منها لإجهاض خطواته قبل نضوجها ووضع العراقيل امام عمل الوفد الموحد لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في ظل تواصل حرب حكومة الاحتلال التي تستبيح يوميا حرمات المنازل والمؤسسات بالضفة الغربية .
اننا لا بد ان يكون ردنا واضحا وهو مزيدا من الالتفاف حول منظمة التحرير الفلسطينية والتمسك في بناء اكبر جبهة مقاومة وطنية ثابتة تعتمد اساسا علي المشروع الوطني الفلسطيني ورفضا لكل اشكال الهدنة المجانية مع الاحتلال والتصدي وافشال مؤامرة ( ادارة قطاع غزة ) المزعومة .
اننا اليوم ندعو جميع الفصائل الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني الي الوحدة والحرص واليقظة ودعم الخيار الوطني الفلسطيني في اطار المؤسسات الشرعية الفلسطينية مؤسسات الشعب الفلسطيني التي باتت تتعرض الى اكبر مؤامرة من اجل سرقتها وتشويه صورتها وان نعمل جميعا من اجل حماية منظمة التحرير الفلسطينية صوت الشعب الفلسطيني وصوت من لا صوت لهم من اجل حماية شعبنا وحماية المشروع الوطني الفلسطيني ومن اجل وحدة فلسطين وضمان قيام الدولة الفلسطينية.