سفر مرير ومكلف للمقدسيين.. من يوقف المعاناة؟.. بقلم: باسم برهوم
يتساءل الفلسطيني المقدسي، لماذا عليه أن يدفع مبلغ 230 شيقلا، أي ما يعادل 65 دولارا لسلطة الاحتلال الاسرائيلي بدل تصريح لا يستطيع السفر للأردن دونه؟ ولمن لا يعرف، فإن على المقدسي أيضاً أن يدفع ضريبة مغادرة عبر معبر الكرامة (جسر اللنبي) بمبلغ 183 شيقلا، بزيادة مقدارها 30 شيقلا عن المواطن الفلسطيني من الضفة، أي أن على الفرد أن يدفع 115 دولارا لسلطة الاحتلال في كل مرة.
ولو افترضنا أن حوالي 500 مقدسي يسافرون يومياً للأردن، فمعنى ذلك أن دخلا بقيمة تزيد عن 55 الف دولار يومياً تذهب للخزينة الاسرائيلية وفي السنة أكثر من نصف مليار دولار، هي فقط من التصريح والضريبة.
وعلينا أن نتخيل على سبيل المثال أسرة مقدسية من أربعة أفراد تريد السفر للأردن، لأي سبب، فإن عليها أن تدفع 1652 شيقلا اي ما يعادل 450 دولارا بدل تصاريح وضريبة، وإذا ما أضفنا المواصلات وضريبة دخول للأردن عشرة دنانير فإن هذه العائلة عليها أن تدفع مبلغ 700 دولار على أقل تقدير للوصول الى عمان لزيارة أهل هناك.
قضية القدس، وهي قضية القضايا فلسطينياً وعربياً واسلامياً ومسيحياً، لا تقتصر على التاريخ والجغرافيا والمقدسات، وانما ايضاً، وهذا هو الأهم، هي قضية أكثر من 300 ألف فلسطيني، بوجودهم بالقدس وصمودهم فيها، منعوا سقوطها بالكامل بيد الاحتلال الاسرائيلي ومشروعه التهويدي العنصري التصفوي. وهم وبتشبثهم بهذا الوجود والصمود، سيقررون مستقبل القدس، لأن وجودهم هو الحقيقة الأكثر رسوخاً في التاريخ والجغرافيا.
وللتذكير في واقع هؤلاء الفلسطينيين المقدسيين، فإنهم وبسبب وجودهم في المكان الخطأ، من وجهة النظر الاسرائيلية، فإن دولة الاحتلال تعتبرهم مقيمين وليسوا مواطنين في مدينتهم، واعطتهم بطاقة مُقيم، وللتوضيح، فإن هذا المقيم لا يتمتع بالحقوق ذاتها التي يحصل عليها الاسرائيلي حديث الإقامة في القدس وحسب، بل ان المقدسي مهدد بالإبعاد دائماً، وانه إذا ما اراد السفر عبر مطار اللد (بن غريون) فهو يُمنح وثيقة سفر خاصة مؤقتة لمدة ثلاث سنوات بمبلغ 140 شيقلا.
ولأن قضية القدس، هي إحدى قضايا الحل النهائي والدائم في اتفاقيات أوسلو، فإن سلطة الاحتلال تمنع المقدسي الحصول على جواز سفر فلسطيني أسوةً بالفلسطينيين من الضفة والقطاع، ومنذ أن فكت المملكة الأردنية الهاشمية ارتباطها بالضفة عام 1988، أصبح المقدسي، كل فلسطينيي الضفة بإمكانهم الحصول على جواز سفر أردني مؤقت يُمنح للحالات الانسانية، وهو الجواز الذي ارتفعت رسومه من 20 دينارا الى 200 دينار.
لذلك فإن المقدسيين العالقين بوضع استثنائي غريب، يتساءلون، وجميع الفلسطينيين معهم، لماذا على هذا المقدسي أن يدفع أكثر؟ وبالتحديد هنا لسلطة الاحتلال الاسرائيلية سواء عبر التصاريح التي تكلفه 230 شيقلا ولا يعرف السبب، أو في الضريبة 189 شيقلا في حين إذا غادر من اي معبر حدودي آخر لا يدفع الا 102 شيقل.
إن سفر الفلسطيني بشكل عام والمقدسي بشكل خاص هو معاناة حقيقية، سواء من حيث التكلفة المالية، او الجهد والوقت والأهم هو هدر الكرامة.
فكيف نوقف هذه المعاناة؟ كيف نمنح هذا الانسان المقدسي الذي يصنع بصموده تاريخاً مزيداً من الأمل؟