الجثامين أصبحت رُفاتاً ولا ذبول للذكرى- عدلي صادق
عندما كان المناضل حسين فيّاض، وهو أحد اثنين نجيا من عملية «فندق سافوي» (الثاني صالح أبو أصبع) يحدثني عن رفاقه شهداء العملية الجريئة والمدوية، التي أوقعها أحد عشر مقاتلاً، في خاصرة كيان معتدٍ متغطرس، في الحادي عشر من آذار (مارس) 1978؛ كان قد مضى خمسة عشر عاماً على دفن زملائه بلا شواهد قبور، وبلا أسماء، وفي مكان مجهول، من أرض الوطن الذي عشقوه حتى الاستشهاد. يومها، بدا كل شيء في الحكاية طبيعياً، إلا مسألة حرمان كل شهيد وذويه وأصدقائه ومحبيه الكُثر، من حقه في مجرد قبر معلوم. فضياع الروح نفسها، لم يكن في الرواية، أشد إيلاماً من ضياع القبر. ذلك على الرغم، من أن علاقة الشهيد بالأرض، قد تحققت له منذ يوم أن ووري الثرى. لكن البُعد الثاني، هو ذاك الذي يتعلق بذويه ومحبيه وبمن سار على ذات الدرب. فهؤلاء تعطشوا منذ يوم سقوط كل شهيد، أهال المحتلون على جثمانه التراب في مقابر الأرقام؛ لأن يعرفوا في أية بقعة يضطجع ذاك الذي وهب حياته وهو في ريعان الصبا، من أجل حرية شعبه، ومن أجل فلسطين، وعلى طريق الثورة. فوق أية بقعة تتكثف الروح ثم تسري في الأرجاء؟
ما ووريَ الثرى أمس، ليس جثامين، وإنما هي رفات ذبلت قلوبها الخضراء، لأبطال سكنوا دار الخلود، ولن تذبل ذكراهم. فرِحون هم بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم. لهم العز ولهم المجد، نحبهم اليوم ونترحم على أرواحهم، مثلما أحببناهم وترحمنا على أرواحهم في يوم أن لاقوا العدو مقبلين غير مدبرين، دفاعاً عن أرضهم وعِرضهم، فأصابهم الرصاص. هؤلاء قال عنهم الرسول عليه السلام، إن كل واحد منهم شهيد، له فضلٌ لا يساويه فيه سائر الناس، ووصفَ بِر هؤلاء، قائلاً إن فوق كل برٍ برٌ، حتى يُقتل المرء شهيداً فليس فوقه بِر!
كأنهم، في تشييعهم المتأخر يوم أمس، قد تشبهوا بزمن شعبهم، الذي يتأخر كل شيء في سياق نضاله وتحققه الوطني، دون أن تفتر عزيمته أو يتخلى عن حقوقه.
طوبى لشهداء الحرية في يوم تشييعهم ذابلي الجثامين، ترافقهم أرواح فتيّة رفرفت، فوق النعوش المصفوفة على مقربة من ضريح حبيبهم الزعيم القائد الشهيد ياسر عرفات، أو على مقربة من أضرحة شهداء غزة، ورافقتهم حكايات لا تمحوها السنون!
ما ووريَ الثرى أمس، ليس جثامين، وإنما هي رفات ذبلت قلوبها الخضراء، لأبطال سكنوا دار الخلود، ولن تذبل ذكراهم. فرِحون هم بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم. لهم العز ولهم المجد، نحبهم اليوم ونترحم على أرواحهم، مثلما أحببناهم وترحمنا على أرواحهم في يوم أن لاقوا العدو مقبلين غير مدبرين، دفاعاً عن أرضهم وعِرضهم، فأصابهم الرصاص. هؤلاء قال عنهم الرسول عليه السلام، إن كل واحد منهم شهيد، له فضلٌ لا يساويه فيه سائر الناس، ووصفَ بِر هؤلاء، قائلاً إن فوق كل برٍ برٌ، حتى يُقتل المرء شهيداً فليس فوقه بِر!
كأنهم، في تشييعهم المتأخر يوم أمس، قد تشبهوا بزمن شعبهم، الذي يتأخر كل شيء في سياق نضاله وتحققه الوطني، دون أن تفتر عزيمته أو يتخلى عن حقوقه.
طوبى لشهداء الحرية في يوم تشييعهم ذابلي الجثامين، ترافقهم أرواح فتيّة رفرفت، فوق النعوش المصفوفة على مقربة من ضريح حبيبهم الزعيم القائد الشهيد ياسر عرفات، أو على مقربة من أضرحة شهداء غزة، ورافقتهم حكايات لا تمحوها السنون!