الأحمد يلتقي القنصل العام البريطاني لدى فلسطين    "هيئة الأسرى": الأسير فادي أبو عطية تعرض لتعذيب وحشي أثناء اعتقاله    سلسلة غارات للاحتلال تستهدف مناطق متفرقة في لبنان    رام الله: قوى الأمن تحبط محاولة سطو مسلح على محل صرافة وتقبض على 4 متهمين    أبو الغيط: جميع الأطروحات التي تسعى للالتفاف على حل الدولتين أو ظلم الشعب الفلسطيني ستطيل أمد الصراع وتعمق الكراهية    قوات الاحتلال تغلق حاجز الكونتينر شمال شرق بيت لحم    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم جنين لليوم الـ34    لليوم الـ28: الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها    الاحتلال يقتحم قباطية ويجرف شوارع ويدمر البنية التحتية    الطقس: فرصة ضعيفة لسقوط الامطار وزخات خفيفة من الثلج على المرتفعات    الاحتلال يؤجل الافراج عن الدفعة السابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    شهر من العدوان الاسرائيلي على مدينة ومخيم جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم وسط اعتقالات وتدمير واسع للبنية التحتية    الرئيس يصدر قرارا بتعيين رائد أبو الحمص رئيسا لهيئة شؤون الاسرى والمحررين    معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال  

معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال

الآن

الشهداء يعودون ثانية !!- يحيى رباح

منذ الصباح الباكر ليوم أمس الخميس ، احتشد المستقبلون عند حاجز ايرز الذي نطلق علية نحن فلسطينيا اسم معبر بيت حانون، ورفرفت الرايات الوطنية والفلسطينية خفاقة مع نسائم الريح العليلة المقبلة من البحر ، انتظاراً لوصول الشهداء ، وصول جثامينهم، وصول رفاتهم، بعد عقود من الغيبة هناك داخل مقابر أقامتها إسرائيل لهم حين استشهدوا ، التي أصبحت تعرف باسم مقابر الأرقام.
بعض هذه الجثامين موجودة منذ قرابة أربعة عقود ، ذابت الملامح، وذاب اللحم عن العظم وأصبح تراباً ، ولكن الصورة الأولى للشهيد هي الباقية متلألئة في الضمير الوطني ، متوهجة في الذاكرة الجمعية لشعب صغير مناضل عظيم هو الشعب الفلسطيني ، الذي أبدع في مشواره النضالي الطويل إبداعا يفوق الخيال، بل ان بعض تلك الإبداعات صاغها الوعي الجمعي الفلسطيني على هيئة أساطير ملحمية وتراجيدية مذهلة !!
ألم يشاهد الناس في قطاع غزة بأم عيونهم في مطلع السبعينيات قبور الشهداء وهي تتحرك ؟؟ ألم تحدث في نهاية الثمانينات انتفاضة عجيبة كبرى أبطالها الأطفال وسلاحها الحجارة؟؟ ألم يظهر نمط جديد من الجنرالات هم الفتية صغار السن ، سريعو الحركة ، الذين كانوا بارعين في إطلاق قذائف الآر بي جي ضد الدبابات الإسرائيلية ، فأطلق عليهم رئيسهم ورمزهم الشهيد الخالد ياسر عرفات ، أحد ابرز رموز الكفاح المسلح في العالم، اسم جنرالات الآر بي جي ؟؟
أمس الخميس ، على معبر بيت حانون ، شمال قطاع غزة ، ورغم الإجراءات الإسرائيلية المعقدة ، التي تعودنا عليها دائماً ،التي تهدف إلى التنغيص ، تنغيص الفرحة ، وتعكير العرس، وإطفاء الأضواء السعيدة المنبعثة في القلوب!! ولكن الشهداء عادوا ، هاهم يعودون ثانية ، تصوروا بالله عليكم ، الشهداء ، شهداء فلسطين ، الفدائيون الفلسطينيون الذين استشهدوا في عمليات عسكرية بطولية من نوع فريد ، القى الجيش الإسرائيلي – الذي لا يقهر – القبض علي جثامينهم بعد استشهادهم !! قتلهم أولاً بالرصاص في معارك مواجهة حامية ، ثم اصدر قراراً باعتقال الشهداء فى سجون من نوع خارق اسمها مقابر الأرقام !! ثم يدعي هذا الجيش الإسرائيلي انه لا يخاف من الشهداء ، فلماذا إذاً القى القبض عليهم بعد استشهادهم وسجنهم في مقابر الأرقام؟؟
انها أحد مشاهد التراجيديا الفلسطينية ، انه شيء خارج حدود العادي ، انه شيء فوق المألوف ، ان تقوم دولة بكامل جيشها وعديدها وعتادها باعتقال الشهداء في مقابر يرتفع فوقها أرقام ، مجرد أرقام ، اما الأسماء المتعلقة بهذه الأرقام ، فهي السر الأكبر في ملفات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية .
تصوروا لو أن إسرائيل غير ما هي عليه من عنصرية وحقد وانحدار أخلاقي !! تصوروا لو أنها وضعت هذه الجثامين في مقابر وكتبت اسم هذا الفدائي المقاتل الشجاع فوق شاهد القبر ، اما كانت المقابر ستتحول إلى حدائق جميلة للذاكرة ؟؟ وإلى نبع يفيض بالحكايات المدهشة ؟؟ فلقد كان الجميع في الشرق والغرب سيعرفون من هو صاحب هذا الجثمان ، وما هي حكايته، متى بدأ حبه الأول ومتى انبثق وجعه الأول ؟؟ ومن أين أضاء انتماؤه الأول لفلسطين ؟؟
الشهداء يعودون ثانية، اعتقلتهم إسرائيل داخل مقابر الأرقام ، لكنهم يعودون ثانية ، سوف تنبعث حكايتهم من جديد ، كيف جرت تفاصيل المواجهة في ديمونة في قلب المفاعل النووي الإسرائيلي ؟؟ وما هو نوع الصرخات التي أطلقها ضباط الجيش الإسرائيلي حين فاجأهم هؤلاء الفدائيون الفلسطينيون في فندق سافوي ؟؟ الشهداء يعودون لكي نعرف منهم حكايتهم القديمة ، أنه شيء أشبه بالقيامة ، ان يعود شهيد إلى أهله وشعبه بعد اعتقال جثمانه هناك في مقابر الأرقام ، لكي تفتح الذاكرة الوطنية أبوابها على وهج تفاصيل حكايته القديمة ، من هو ، ماذا فعل ، كيف كان حبه الأول ؟؟ ما اسم حبيبته ، وأيهما تغلب في نهاية المطاف عشق الحبيبة أم عشق فلسطين ؟؟
استعدوا وقد عاد الشهداء إليكم ، أن تحيوا معهم حفلات قسم تتجاذبون فيها أطراف الحكايات عما جرى من لحظة الميلاد وحتى لحظة الاستشهاد.
يا أيها الفلسطينيون ، انسجوا حكايتكم وطرزوها بالحرير الملون بكل ما تملكون من براعة وقدرة على الإبداع ، ها هنا نحن باقون ، تدور بنا الأرض ، وتبعثرنا الرياح ، وتمزقنا المجازر ، ولنا وحدنا دون غيرنا سجون تستقبلنا ونحن أحياء ، وسجون تستقبلنا حتى ونحن شهداء ، ولكننا نحمل معجزات قيامتنا معنا ، فننهض دائما من تحت كل أنقاض ، نتحرر دائما من وراء كل قضبان ، نعود دائماً من كل غياب ، ننبثق دائما في تجليات لم تكن معروفة من قبلنا !! أو ليست هذه كلها قيامات متواصلة لهذا الشعب الفلسطيني الذي اختاره الله ليكون صاحب القضية الأكثر ألماً والأكثر عدالة على امتداد التاريخ الإنساني كله .
بوركت في الصباح
بوركت في المساء
بوركت في أفراحك وأحزانك
ولولا أن البركة فيك هي هدية من الله تعالي ، لما تمكنت يا شعبنا المناضل العظيم من الحضور بعد كل غياب ، والحياة بعد كل موت ، فلك المحبة والافتخار والسلام
Yhya-rabahpress@yahoo.com
Yhya-rabahpress@hotmail.com


 
 

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025