صوت يزعجهم- فؤاد ابو حجلة
بعيدا عن التنظير الغارق في الخيال، نكتشف في اللحظات الصعبة جدوى وجود أعضاء فلسطينيين عرب في الكنيست، فهم أمواس في الحلق الاسرائيلي، لا يستطيع الاحتلال أن يبلعهم ولا يستطيع أن يتخلص من وجودهم المؤذي لنقاء الفاشية الاسرائيلية اليهودية.
ورغم وجود أعضاء كنيست عرب خالين من الدسم ومليئين بالزفر الاسرائيلي مثل أولئك الليكوديين الذين يحملون اسماء عربية، فإن هناك نواباً فلسطينيين حقيقيين هم في الأصل قادة وطنيون في تجمعات الأصلاء من أهلنا وراء الخط الأخضر. اذكر في هذا السياق النواب أحمد الطيبي ومحمد بركة وجمال زحالقة وطلب الصانع وغيرهم من الرائعين الذين يتصدون للرعاع والارهابيين في برلمان الاحتلال.
قبل أيام اقترف عضو كنيست يهودي متطرف اسمه ميخائيل بن اري جريمة تمزيق الانجيل، ما أغضب أعضاء الكنيست العرب الوطنيين ودفع الدكتور احمد الطيبي الى الرد ليس بتمزيق التوراة، ولكن بتمزيق صورة الارهابي الحاخام مائير كهانا.
بالطبع، لم يغضب الدكتور أحمد لتمزيق الانجيل لأسباب دينية فالرجل ليس مسيحيا، لكن أي عضو مسيحي وطني في الكنيست كان سيغضب كثيرا لو اقترف المتطرفون جريمة تمزيق القرآن. في أول الأمر وآخره يتصرف النواب الوطنيون باعتبارهم فلسطينيين بغض النظر عن الدين أو الهوى الأيديولوجي، وهذا ما يغيظ الدوائر السياسية والأمنية الاسرائيلية التي لم تستطع تخريب النسيج الوطني الفلسطيني رغم نجاحها في شراء ولاءات أشخاص رخيصي الثمن صاروا أعضاء في الكنيست.
رد الطيبي أغضب أعضاء الكنيست من الارهابيين والمتطرفين والقتلة، وفتح مرة أخرى أبواب الهجوم عليه وعلى أعضاء الكنيست العرب (أعني العرب ولا أعني ذوي الاسماء العربية)، وبدأ الرعاع حملة ارهابية في التحريض على الدكتور الطيبي وصلت حد الدعوة الى قتله، ولم يتحرك أحد في اسرائيل واميركا لإدانة هذه الحملة الارهابية ووقفها.
تعودنا على هذا الصمت المخزي، وعلى سفالة الموقف حين يتعلق الأمر بموتنا، فالرئيس الاميركي الذي يصدر بيانا استنكاريا إذا أصيب اسرائيلي بالانفلونزا يختار الصمت على تمزيق الانجيل رغم انه أصبح مسيحيا، ويختار الصمت على تهديد سياسي مسلم رغم أنه كان مسلما قبل اعتناقه المسيحية.
ترى لو قام نائب عربي بالاساءة الى المعتقدات اليهودية، ناهيك عن تمزيق التوراة، ماذا سيكون رد الفعل الاميركي، وماذا سيكون رد الفعل الرسمي العربي، وماذا سيكون رد فعل الجماعات الاسلامية التي تؤمن بأخوة الأديان.
صحيح أننا نقف وحدنا في ساحة المواجهة لكن هذه الوحدة تعزز وحدتنا في القول والفعل. ومن كان له ممثل منتخب مثل احمد الطيبي لا ينبغي أن يفكر في الاحتمالات.