"جبل النجمة" يُزهر النصر على الإعاقة
صورة توضيحية
مشرفة على بساتين خضراء، وفي ظلّ إحدى شرفات المبنى المستحدث، تجلس غادة ناصر مديرة مركز جبل النجمة للتأهيل، مزهوة بجوار طاقمها في الهواء الطلق، يتابعون عن كثب نشاطات وفعاليات لأطفال وفتية يافعين، وصمتهم العيوب الخلقية، وألصقت بهم لقب "ذوي الاحتياجات الخاصة".
تسرق ناصر لحظة من التاريخ لتشير إلى حكاية المكان، الذي تأسس العام 1980 بصفته الحالية لغرض تدريب أصحاب الإعاقات العقلية، إذ كان المركز قبلها مستشفى يقدم علاج داء البرص، الذي استشرى في الأراضي الفلسطينية.
تقول: "انطلقنا في القدس، حين أسست الكنيسة المورافية (نسبة إلى مقاطعة جنوب ألمانيا) مستشفى "البَرَص"، بهدف المساعدة في علاج الداء وفي عزل المصابين به، لوقف استشراء المرض المعدي حينها. بعد نكبة العام 1948 فقد المستشفى مكانه، واستولى الاحتلال عليه، ما دفع الراهبة "سيستير يوهان" لشراء هذا الجبل الذي يمتد على مساحة 75 دونماً".
ناصر التي تدير منذ خريف العام 2009 مركز "جبل النجمة"؛ تذكر أن المركز ظل لعشرين عاماً يداوي مرضى البرص، واستطاع أن يجمع بين الأزواج المرضى في بيوت خاصة، وبعد اكتشاف عقار للداء وتوقف تصنيفه على أنه مسبب للعدوى، تحول المكان إلى مركز لعلاج ذوي الإعاقة العقلية، حيث يجري إعدادهم وتأهيلهم اجتماعيا، عبر تدريبهم على مجموعة من المهارات الحرفية.
يقدّم المركز اليوم خدماته العلاجية لنحو 80 حالة من الجنسين، وبأعمار مختلفة، كما يحتوي على حضانة أطفال لمن لم يجتازوا ربيعهم السادس، وهي مجهزة لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة إضافة إلى أصحاب الإعاقة العقلية.
وفي المركز أيضا مدرسة لأصحاب الإعاقات العقلية والبصرية والنطقيّة، تمتد أعمار طلبتها بين سن السادسة والسادسة عشرة.
ويعتمد المركز كذلك برنامج زيارات منزلية للتأهيل المبني على المجتمع المحلي، الذي يمتد ليشمل مخيم الجلزون، وبيرزيت، وسردا، وجفنا، وعين سينيا، ودورا القرع، وكوبر، وأبو شخيدم، والمزرعة الغربية، وجيبيا، وعطارة، وبرهام، وسردا، وأبو قش، ومن خلاله يجري تأهيل "المعاقين عقليا" وتدريبهم على مهارات الحياة اليومية، ومنحهم القدرة على ممارسة مهارات اقتصادية، إضافة إلى المساهمة في تعريف المجتمع بهذه الفئة واحتياجاتها.
يوظف المركز الفنّ في أغراضٍ علاجية، إذ طور عبر ثلاث من موظفاته وهنّ: سارة طه، وهبة العمري، وختام شحادة، برنامجاً ساعد الطلاب على تعليمهم مهارات فنية كالرسم وتمييز الألوان ومزجها، وطوّر من طريقة علاجهم وظيفيًا، ومكنهم من رفع قدراتهم على السيطرة والتحكم بالإمساك في الأشياء.
كما ينفرد المركز بمتابعة مرضى التوحد في "قسم صعب" كما تصفه غادة ناصر لاعتبارات تتصل بطبيعة المرض، وبحداثة التعاطي معه في فلسطين، وتضيف "لكننا حين نرى الطلاب يتخرجون من المدرسة بعد سن السادسة عشرة، نكون سعيدين لأننا منحناهم فرصة الانخراط المجتمعي عبر التأهيل المهني، وندرك أننا نجحنا إلى حدٍ ما، وسنواصل العمل بذات الجهد والكيفية مع الطلبة الثلاثين الذين يرتادون هذا القسم حاليا".
يُقدم المركز فرصة للتأهيل عبر التدريب الزراعي، وتصنيع الورق والكرتون، وفنون الخياطة، وفنون خشب الزيتون، والتصنيع الغذائي، وتركيب الأجهزة الكهربائية، مثلما ينفرد بإعادة تدوير المواد العضوية، وصناعة"الكمبوست" الذي يتحول لمخصب طبيعي وآمن للمزروعات.
يتخصص فريق المركز وعدده 35 موظفًا وموظفة، في ابتكار وسائل جديدة لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، والذين يعانون إعاقات غير تقليدية، فأطلقوا فكرة يوم النظافة، إذ يجتمع المرضى في آخر يوم خميس كل شهر، ليطبقوا مفاهيم النظافة عملياً، ويتوزعون لتنظيف مقر المركز، ويمارسون رياضات تساعدهم على تطوير قدرتهم على تحديد مفهوم النظافة والبيئة من جهة، وتمرين قدراتهم العضلية من خلال إمساك الأشياء الدقيقة التي يلتقطونها أو يرسمونها.
ويبقى المجتمع عاملا مثبطاً لانتشاء إدارة المركز والعاملين فيه بنجاحاتهم، فاستغلاله لفئة "المعاقين" وعدم قدرته على الاندماج معها يمثل عقبة أساسية تعترض عمل "جيل النجمة"، تقول غادة ناصر: "لا يقبل المجتمع أصحاب الإعاقات، ويرفضون التعاطي مع أصحاب المهارات منهم. كما أن هذه الفئة من الناس تتعرض لاعتداءات جنسية تستغل وضعهم. وقد سعينا عبر لقاءات مع وزارة الشؤون الاجتماعية لتوفير الحماية لهذه الحالات".
وبقدر ما تتنمى أن يتخلص المجتمع من وسواس "الاندماج"؛ ترجو ناصر أن تتحرر مؤسسات الحكومة والشركات الخاصة من فكرة أن "مؤسسة الكنيسة" تملك خزائن حبلى بالمال، وتضيف: "لأننا مؤسسة غير حكومية وأجنبية، تتبع لكنيسة نقابل بصورة نمطية، فتظننا المؤسسات أننا نملك موازنات كبيرة، وهذا ليس صحيحًا، لأن الكنيسة تغطي 40% من موازنتنا، أما الباقي فيتحتم علينا تجنيده، وهذا ليس بالمسألة المتاحة دائماً".
تقول المتدربة مها عبد العزيز(45 عاماً) إنها تعلمت خلال وجودها في المركز صنع الشمع والرسم وفنون الخياطة، وصارت تشعر منذ 20 سنة أن المركز يعطيها فرصة على تعلم مهارات الحياة اليومية. أما وفاء محمد علي، فأمضت خمس سنوات في "جبل النجمة"، وصارت تلعب وتتعلم الخياطة وتشارك في حملات التنظيف وتصنع المعجنات، وتحلم بأن تكون صاحبة محل بقالة.
تصطحبنا منسقة برامج التأهيل ربيحة جودة في أقسام المركز، نسجل انطباعاتنا ونوثق عمل مركز التأهيل والمدرسة والحضانة والروضة.
ونسمع كيف تحولت فتيات من المتأهلات إلى موظفات في جبل النجمة.
وكيف أن المركز يعلم من يدخله من أصحاب احتياجات خاصة الزراعة وأهميتها، عبر كروم العنب والزعتر والخس وإنتاج الصابون البلدي واستخدام الورق المعاد تصنيعه كبطاقة معايدة. عدا عن استخدام حيوانات المزرعة المختلفة إما في تطوير وعيهم، أو معالجة مهاراتهم الوظيفية.
تسرق ناصر لحظة من التاريخ لتشير إلى حكاية المكان، الذي تأسس العام 1980 بصفته الحالية لغرض تدريب أصحاب الإعاقات العقلية، إذ كان المركز قبلها مستشفى يقدم علاج داء البرص، الذي استشرى في الأراضي الفلسطينية.
تقول: "انطلقنا في القدس، حين أسست الكنيسة المورافية (نسبة إلى مقاطعة جنوب ألمانيا) مستشفى "البَرَص"، بهدف المساعدة في علاج الداء وفي عزل المصابين به، لوقف استشراء المرض المعدي حينها. بعد نكبة العام 1948 فقد المستشفى مكانه، واستولى الاحتلال عليه، ما دفع الراهبة "سيستير يوهان" لشراء هذا الجبل الذي يمتد على مساحة 75 دونماً".
ناصر التي تدير منذ خريف العام 2009 مركز "جبل النجمة"؛ تذكر أن المركز ظل لعشرين عاماً يداوي مرضى البرص، واستطاع أن يجمع بين الأزواج المرضى في بيوت خاصة، وبعد اكتشاف عقار للداء وتوقف تصنيفه على أنه مسبب للعدوى، تحول المكان إلى مركز لعلاج ذوي الإعاقة العقلية، حيث يجري إعدادهم وتأهيلهم اجتماعيا، عبر تدريبهم على مجموعة من المهارات الحرفية.
يقدّم المركز اليوم خدماته العلاجية لنحو 80 حالة من الجنسين، وبأعمار مختلفة، كما يحتوي على حضانة أطفال لمن لم يجتازوا ربيعهم السادس، وهي مجهزة لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة إضافة إلى أصحاب الإعاقة العقلية.
وفي المركز أيضا مدرسة لأصحاب الإعاقات العقلية والبصرية والنطقيّة، تمتد أعمار طلبتها بين سن السادسة والسادسة عشرة.
ويعتمد المركز كذلك برنامج زيارات منزلية للتأهيل المبني على المجتمع المحلي، الذي يمتد ليشمل مخيم الجلزون، وبيرزيت، وسردا، وجفنا، وعين سينيا، ودورا القرع، وكوبر، وأبو شخيدم، والمزرعة الغربية، وجيبيا، وعطارة، وبرهام، وسردا، وأبو قش، ومن خلاله يجري تأهيل "المعاقين عقليا" وتدريبهم على مهارات الحياة اليومية، ومنحهم القدرة على ممارسة مهارات اقتصادية، إضافة إلى المساهمة في تعريف المجتمع بهذه الفئة واحتياجاتها.
يوظف المركز الفنّ في أغراضٍ علاجية، إذ طور عبر ثلاث من موظفاته وهنّ: سارة طه، وهبة العمري، وختام شحادة، برنامجاً ساعد الطلاب على تعليمهم مهارات فنية كالرسم وتمييز الألوان ومزجها، وطوّر من طريقة علاجهم وظيفيًا، ومكنهم من رفع قدراتهم على السيطرة والتحكم بالإمساك في الأشياء.
كما ينفرد المركز بمتابعة مرضى التوحد في "قسم صعب" كما تصفه غادة ناصر لاعتبارات تتصل بطبيعة المرض، وبحداثة التعاطي معه في فلسطين، وتضيف "لكننا حين نرى الطلاب يتخرجون من المدرسة بعد سن السادسة عشرة، نكون سعيدين لأننا منحناهم فرصة الانخراط المجتمعي عبر التأهيل المهني، وندرك أننا نجحنا إلى حدٍ ما، وسنواصل العمل بذات الجهد والكيفية مع الطلبة الثلاثين الذين يرتادون هذا القسم حاليا".
يُقدم المركز فرصة للتأهيل عبر التدريب الزراعي، وتصنيع الورق والكرتون، وفنون الخياطة، وفنون خشب الزيتون، والتصنيع الغذائي، وتركيب الأجهزة الكهربائية، مثلما ينفرد بإعادة تدوير المواد العضوية، وصناعة"الكمبوست" الذي يتحول لمخصب طبيعي وآمن للمزروعات.
يتخصص فريق المركز وعدده 35 موظفًا وموظفة، في ابتكار وسائل جديدة لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، والذين يعانون إعاقات غير تقليدية، فأطلقوا فكرة يوم النظافة، إذ يجتمع المرضى في آخر يوم خميس كل شهر، ليطبقوا مفاهيم النظافة عملياً، ويتوزعون لتنظيف مقر المركز، ويمارسون رياضات تساعدهم على تطوير قدرتهم على تحديد مفهوم النظافة والبيئة من جهة، وتمرين قدراتهم العضلية من خلال إمساك الأشياء الدقيقة التي يلتقطونها أو يرسمونها.
ويبقى المجتمع عاملا مثبطاً لانتشاء إدارة المركز والعاملين فيه بنجاحاتهم، فاستغلاله لفئة "المعاقين" وعدم قدرته على الاندماج معها يمثل عقبة أساسية تعترض عمل "جيل النجمة"، تقول غادة ناصر: "لا يقبل المجتمع أصحاب الإعاقات، ويرفضون التعاطي مع أصحاب المهارات منهم. كما أن هذه الفئة من الناس تتعرض لاعتداءات جنسية تستغل وضعهم. وقد سعينا عبر لقاءات مع وزارة الشؤون الاجتماعية لتوفير الحماية لهذه الحالات".
وبقدر ما تتنمى أن يتخلص المجتمع من وسواس "الاندماج"؛ ترجو ناصر أن تتحرر مؤسسات الحكومة والشركات الخاصة من فكرة أن "مؤسسة الكنيسة" تملك خزائن حبلى بالمال، وتضيف: "لأننا مؤسسة غير حكومية وأجنبية، تتبع لكنيسة نقابل بصورة نمطية، فتظننا المؤسسات أننا نملك موازنات كبيرة، وهذا ليس صحيحًا، لأن الكنيسة تغطي 40% من موازنتنا، أما الباقي فيتحتم علينا تجنيده، وهذا ليس بالمسألة المتاحة دائماً".
تقول المتدربة مها عبد العزيز(45 عاماً) إنها تعلمت خلال وجودها في المركز صنع الشمع والرسم وفنون الخياطة، وصارت تشعر منذ 20 سنة أن المركز يعطيها فرصة على تعلم مهارات الحياة اليومية. أما وفاء محمد علي، فأمضت خمس سنوات في "جبل النجمة"، وصارت تلعب وتتعلم الخياطة وتشارك في حملات التنظيف وتصنع المعجنات، وتحلم بأن تكون صاحبة محل بقالة.
تصطحبنا منسقة برامج التأهيل ربيحة جودة في أقسام المركز، نسجل انطباعاتنا ونوثق عمل مركز التأهيل والمدرسة والحضانة والروضة.
ونسمع كيف تحولت فتيات من المتأهلات إلى موظفات في جبل النجمة.
وكيف أن المركز يعلم من يدخله من أصحاب احتياجات خاصة الزراعة وأهميتها، عبر كروم العنب والزعتر والخس وإنتاج الصابون البلدي واستخدام الورق المعاد تصنيعه كبطاقة معايدة. عدا عن استخدام حيوانات المزرعة المختلفة إما في تطوير وعيهم، أو معالجة مهاراتهم الوظيفية.