حماس تشرع التطبيع للعرب- عادل عبد الرحمن
شرع قادة حركة حماس التطبيع مع دولة الابرتهايد الاسرائيلية للحكام الجدد في تونس وخاصة حزب النهضة التونسي الحاكم. وهو ما اعلن عنه السيد الصحبي عتيق، رئيس كتلة حركة النهضة الاخوانية في المجلس التأسيسي، في اعقاب عودة الجدل والخلاف بين القوى التونسية المختلفة مع بدء اعضاء المجلس الوطني التأسيسي مناقشة وضع مشروع دستور جديد.
الصراع بين القوى القومية والليبرالية واليسارية من جهة وقوى التيار الاسلامي وخاصة حزب النهضة التونسي (فرع حركة الاخوان المسلمين ?تونس) عاد للاحتدام بشأن التطبيع مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، حيث تطالب القوى القومية واليسارية بوضع نص صريح في الدستور التونسي الجديد «يحرم التطبيع»؛ في حين ترفض حركة النهضة، التي تقود الائتلاف الحاكم الآن في تونس تخصيص مادة في الدستور! مع ان هذا الموقف يتناقض مع مواقف ذات الحركة قبل الثورة، حيث كانت تطالب بتحريم التطبيع مع إسرائيل.
لكن الحركة في الواقع الجديد وبعد الاتفاق مع الولايات المتحدة بشكل مباشر ودولة التطهير العرقي الاسرائيلية بشكل غير مباشر على التعاون المشترك لحماية مصالح اميركا والاتفاقات الموقعة مع دولة اسرائيل مقابل سيطرة الاخوان المسلمين على الحكم في الدول العربية غيرت موقفها في تحول بلغ 360 درجة. ولدعم موقفها الجديد اعلن الصحبي عتيق، ان كلاً من خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، واسماعيل هنية، عضو مكتبها السياسي، والحاكم العسكري لمحافظات غزة، نصحا قيادة حركة النهضة بعدم تخصيص مادة لـ»تحريم التطبيع!» كما ان قادة النهضة برروا موقفهم، بأن لا داعي لوجود مادة خاصة بشأن التطبيع، خاصة وان الدستور يتعلق بالشؤون الداخلية!؟
على اهمية الجدل المحتدم بين القوى التونسية المختلفة بشأن التطبيع مع الدولة العبرية، فإن المهم هنا تسليط الضوء على مواقف قيادة حركة حماس الانقلابية، التي سارعت ابواقها الاعلامية الى «نفي» تصريحات القائد التونسي. ولكن كما يعلم الجميع ان عتيق، ليس له مصلحة في تقويل اخوانه في حركة حماس ما لم يقولوه، لا سيما وانهم اعضاء في حركة دولية واحدة، هي، حركة الاخوان المسلمين. وبالتالي لا يستهدف الاساءة لاقرانه في قيادة الاخوان فرع فلسطين. وانما اراد، هو وحركته التسلح بقادة حماس على اعتبار انهم «قادة مقاومة»! مفترضا ان لعبة الاستغماية الحمساوية المسماة «المقاومة» ما زالت تنطلي على الشعوب العربية وقواها الحية.
حركة حماس تتكشف اوراقها يوما تلو الآخر، ولم تعد ورقة التوت «المقاومة» تستر عوراتها وتساوقها مع خيار التطبيع والهدنة المجانية والتواطؤ على مجاهدي الحركات السلفية مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. وهذا مؤشر جديد على المنحى الذي تتجه له حركة الانقلاب الاسود على الشرعية الوطنية، منحى التآمر على الاهداف والمصالح الوطنية العليا للشعب العربي الفلسطيني.
الركض في متاهة التطبيع الآن يعني التنازل لاسرائيل عن الحقوق والاهداف الوطنية قبل ان تنسحب إسرائيل من الاراضي المحتلة عام 1967، وتقبل باقامة الدولة الوطنية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وتسمح بعودة اللاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194. وهي بهذا المعنى تقبل بخيار إسرائيل وعنوانه «الدولة ذات الحدود المؤقتة» والهدنة طويلة الأجل، التي لا يعلم مداها إلا الله؟!
تشريع التطبيع المجاني للعرب، خاصة لجماعة الاخوان المسلمين أدعياء «المقاومة» و»الجهاد» و»تحرير» الاقصى، اماط اللثام عن الوجه البشع لحركة الانقلاب الاسود على الشرعية في محافظات غزة، الحركة التي ترفض المصالحة واعادة الاعتبار للوحدة الوطنية، لانها تريد تأبيد خيار الامارة الحمساوية في المحافظات الجنوبية. كما كشفت عورات الاخوان المسلمين في مصر وتونس وغيرها من الدول العربية، الذين باتوا يتسابقون على تطبيع العلاقات مع دولة التطهير العرقي الاسرائيلية.
a.a.alrhman@gmail.com