غزة.. ضحية اختبارات الردع- موفق مطر !
نعتقد ان الليكود لا يجرؤ أن يبدأ حملته الانتخابية بهجوم عسكري دموي على غزة يكلف اسرائيل اكثر مما هو متوقع من خسائر بشرية ومادية، فرئيس الحكومة نتنياهو يعلم انواع ومدى الأسلحة الجديدة في غزة، وانما نعتقد أن اسرائيل قد تدخلت مباشرة لرسم مستقبل العلاقة بين غزة وسيناء حيث تنمو جماعات مسلحة عصية على السلطات المصرية. فعملية «عامود الغيمة» كعاصفة خريف هدفها كما يبدو استهداف الرجل الأقوى في حماس احمد الجعبري خربطة أوراق حماس الداخلية وتطييرها وبعثرتها !!
لا يختبر الجيش الاسرائيلي قوته الردعية وفاعلية اسلحته الجديدة على جبهة غزة وحسب، بل يفحص بهذه العمليات الحربية المركزة ما لدى الفصائل الفلسطينية في غزة من سلاح ونوعيته ومداه، ويختبر تكتيكاتها في استعماله، لكن المدنيون الفلسطينيون كالعادة هم ضحايا اثبات الذات .
بعد 390 يوما من استلام الجندي الأسير جلعاد شاليط اغتال جيش اسرائيل احمد الجعبري القائد العسكري لقوات حماس !. فالجعبري امتاز بشخصية عسكرية حازمة، قوية صارمة، كان ابتعاده عن الأضواء الاعلامية سببا في بقائه على قيد الحياة حتى انتهاء حملة الرصاص المصبوب التي انتهت بعد حوالي اربعة اسابيع بتهدئة بين الطرفين .
لم يكن اختيار الجيش الاسرائيلي الجعبري هدفا كاختبار لاستعادة قدرته الردعية وحسب، بل لأن تغييب الجعبري قد يحقق عدة أهداف لاسرائيل أولها : تفكيك قوة حماس العسكرية التي غالبا ما ينعتها الخبراء الاسرائيليون بالجيش، بعد تسرب العديد من مقاتلي كتائب القسام التابعين لحماس الى منظمات وجماعات «جهادية» واخرى ذات مسميات جديدة بدأت تظهر على ساحة قطاع غزة وامتد نشاط بعضها الى سيناء. وثانيها التخلص من الشخص الذي استطاع رهن شاليط في الأسر لأكثر من الف يوم، وكبل ايدي جيش واستخبارات اسرائيل طوال هذه المدة ومنعها من معرفة مكان احتجازه، اذ يبدو ان الرجل كان قد اخذ على عاتقه الشخصي ملف الجندي شاليط منذ اسره حتى لحظة ظهوره ممسكا بالجندي شاليط اثناء تسليمه للسلطات المصرية التي رعت عملية التبادل في الصفقة المعروفة، فالجعبري قد ظن ان المعادلة قد تغيرت خاصة بعد ان بدت حماس كطرف مقابل سلطات اسرائيل، وبعد تفاؤل بالمتغيرات السياسية في المنطقة وتحديدا في مصر العربية البلد المجاور .
قد تستوعب اسرائيل بقبتها الحديدية او بقبضة جيشها صليات الصواريخ المصنعة محليا او تلك المتطورة التي وصلت الى غزة، فحجم ونوع الأسلحة المستخدمة ستحدد طول وعرض خط النار بين غزة وجيش الاحتلال الاسرائيلي، وان كنا نرى أن اسرائيل قد تذهب الى حدود بعيدة سنعرف مداها بمعيار الخسائر البشرية الاسرائيلية ومواقع انفجار الصواريخ الموجهة من غزة .