خطاب اسرائيلي يحاكي نظيره العربي- فؤاد أبو حجلة
التشابه بين الرسميين الاسرائيليين ونظرائهم العرب يكاد يصل حد التطابق، فالحماقة التي اقترفها بنيامين نتنياهو في قرار العدوان على غزة تستنسخ في الواقع حماقات زعماء عرب يتخذون قرارات التصعيد العسكري ضد الشعوب, ويعتقدون بقدرتهم على الحسم بقوة الصواريخ ونيران المدفعية، والمستعربون الاسرائيليون الذين يحاولون اختراق التجمعات المدنية الفلسطينية يتطابقون في الفعل مع البلطجية والشبيحة الذين يرتزقون من الولاء للأنظمة العربية، وسياسة الحصار وإغلاق المعابر تتشابه تماما مع الحصارات التي تشددها جيوش عربية على مدن منتفضة وإغلاق مداخل هذه المدن لمنع وصول الطحين إلى أهلها.
المشهد واحد، والاسرائيليون يحترمون تجارب النظام العربي فيقلدونها.. تبريد وتسخين في غزة أو الضفة بحسب مقتضيات الظرف والقراءة الأمنية للمعطيات اليومية، واستقواء بالحلفاء في واشنطن وغيرها من عواصم الغرب مثلما يستقوي بعض النظام العربي بالاميركي، ويذهب بعض هذا النظام شرقا للاستقواء بروسيا، وفي الحالتين يكون الاستقواء ضد شعوب عربية تقاوم الاحتلال الأجنبي وتقاوم أنظمة مرتبطة بالأجندات الأجنبية.
لا يتوقف التشابه عند هذا الحد، فالنظام العربي لديه مؤسسة عمل مشترك اسمها جامعة الدول العربية، واسرائيل تتكئ على مؤسسة عمل مشترك اسمها الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة تدعم المؤسستين لإبقائهما تحت الجناح الاميركي. ومن يقارن بين وقائع اجتماعات الكيانين العربي والأوروبي يلحظ التشابه في نقاط الوفاق وفي نقاط الخلاف، فهناك دائما معسكران يتبنى أحدهما موقفا معينا ويتبنى الآخر نقيضه وفي النهاية يلتزم الجميع بالموقف الاميركي.
في العدوان الاسرائيلي المستمر على غزة يتفوق الاسرائيليون على أنفسهم في التشابه مع الرسميين العرب، ويأخذ الخطاب الاسرائيلي شكلا عربيا خالصا، بل إنه يستعير مفرداته من الخطاب الرسمي العربي، خاصة عندما يتحدث الناطقون الاسرائيليون عن المجتمع الدولي وعن الشرعية الدولية وعن الديمقراطية وحقوق الانسان. أتابع كل ما يجري في سياق التشابه بدهشة طاغية، لكن أكثر ما يدهشني هو لجوء الناطقين الرسميين الاسرائيليين للتذكير بقدسية فلسطين لدى العرب والمسلمين، والتأكيد على حرمة الدم في القدس.. قبل يومين أبدى ناطق اسرائيلي دهشته من إقدام الفلسطينيين على قصف القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين!
أثار التصريح نزعة السخرية المرة لدى الكثيرين من العرب والفلسطينيين ودفع صديقة فاضلة لأن تدعو هذا الناطق الاسرائيلي ليخطب فينا في صلاة الجمعة!.