الرحيل المر.. مرة أخرى
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
جميل ضبابات- إنه الصباح الباكر في نهار شتوي صاف. يصل الندى مرافقاً الصفاء الأزرق. في سفوح تحيط بوادي المالح، يتنقل الرعاة في رحاب بدأت تخضر، حيث يقيمون.
ويحل المساء، يرتفع القمر فوق الجبال. وتسري في المحيط أصوات الطيور وبعض الحيوانات البرية في طريقها للمبيت. لكن الأجواء ليست رومانسية في هذا الفضاء الرحب، فعشرات العائلات الفلسطينية تتأهب للرحيل مرة أخرى بقرارات عسكرية إسرائيلية موقعة من مستويات عليا في الجيش الإسرائيلي.
المالح، أو منطقة المضارب، التي تلونها الجبال الرمادية المخضرة في بداية الشتاء، بالنسبة لقيادة الجيش الإسرائيلي مراحا رحبا لتدريب الفرق الجديدة.
وهي بالنسبة للفلسطينيين الذين يرعون المواشي ساحة عذاب.
وهكذا، هي حياة احمد علي نجادة الذي سيرحل مساء عن مسكنه للمرة الرابعة، بعد إجباره على الرحيل لمرات متتالية خلال الأشهر القليلة الماضية. وقال عارف دراغمة رئيس مجلس محلي المالح الذي يضم المضارب الرعوية في شمال الأغوار "نحو ألف سيرحلون عن مساكنهم (...) ربما أكثر من ألف. كل هذه الجبال ستفرغ بعد ساعات".
ومد الرجل يده على استقامتها نحو سلسلة جبال بنى فيها نجاده وغيره من الرعاة مساكنهم المقامة من القصدير والخيش.
على طول الطريق المنحدر من أعالي السفوح الشرقية باتجاه منطقة الغور كان الجيش يحشد قواته وسط الحقول وعلى أطراف تلك الجبال. من على بعد يمكن مشاهدة مخيم صغير للرعاة يقع فيه نزل نجادة.
ويقوم الجيش الإسرائيلي منذ أشهر بعمليات تدريب عسكرية هي الأوسع منذ بداية هذا العام في مناطق واسعة من سفوح الضفة الغربية الشرقية... وقال نجادة فيما تحلق هو وبعض الرعاة حول نار أوقدوها على طرف وادي لغلي الشاي" نمنا ليالي كثيرة بعيدا عن فراشنا".
لحظات ترددت أصوات دوي إطلاق النار النيران في مناطق جبلية ناحية الغرب.
وتجري المناورات العسكرية الإسرائيلية في ساحات المنازل مع عدو وهمي من الكرتون والصخور, وقال دراغمة "وضعوا الأهداف في الجبال وقرب المساكن. لا احد يعرف اين ستسقط القذائف".
وكان بضع عشرات من رماة الجيش بدؤوا فعليا بنصب خيامهم وإطلاق النار صوب أهداف كرتونية على بعد كيلومترات قليلة من مضارب رعوية في منطقة البرج وهي منطقة أثرية بارزة.
على امتداد عدة كيلومترات جنوبا تبدو مناطق جبلية واسعة فارغة من السكان إلا من بعض المنازل الخيشية المتناثرة في المنطقة والجيش الإسرائيلي الذي يحيط بها. وتظهر عشرات الآليات المدفعية الثقيلة تصطف في مرابضها توطئة لبدء المناورات. وتسيطر إسرائيل على معظم الغور، وأقامت فيه مشاريع استثمارية زراعية كبيرة.
ويعيش سكان هذا المضرب هاجس أن يقضي احدهم برصاصة من بندقية أو بقذيفة تطلقها دبابة إسرائيلية.وقال نجادة" سنرحل ليومين متتاليين. مثل كل مرة. لا يمكن ان تتنبأ أين ستقع القذيقة".
خلال السنوات الماضية قتل وجرح رعاة كثر بسبب هذه التدريبات كما يقول سكان المنطقة. وقبل أسبوع أصيب طفلة صغيرة بشظية طلق ناري في منطقة الحمامات بينما كان تلهو في ساحة منزلها.
وتساءل نجادة عن طبيعة الحياة التي يكون فيها الأطفال في مرمى النيران. لذلك هو وغيرة من الرجال يفضلون الرحيل عن مناطق سكناهم لأيام معدودة على البقاء في مواجهة الرصاص.
الرصاص؛ انه العدو الشبح الذي لا يمكن رؤيته هنا في الأغوار. فإطلاق النار والقذائف قد يأتي من أي اتجاه. يحمل الرعاة في مناطق وادي المالح خارطة وزعها الجيش الإسرائيلي عليهم يظهر من خلالها المناطق التي ستكون مسرحا لعملياته.
لكن حتى لو التزم الرعاة وعائلاتهم بإخلاء المنطقة. قد تطير رصاصة طائشة وتصيب إحداهم حتى خارج المناطق المحرمة. "كان الرحيل مراً خلال الأشهر الماضية. لكنها هذه المرة أكثر مرارة" قال خالد الزواهرة وهو بدوي يسكن المنطقة منذ سنوات.
الوقت شتاء، والمواشي الآن تضع مواليدها، لذلك سيكون الرحيل صعبا، لكن لا مفر أمام عشرات العائلات من ترك منازلها، فالحياة هنا قد تكون بسرعة رصاصة طائشة.
وقال زواهرة فيما كان يتمتع بطقس مشمس ورائق وندي" سنرحل. سننتقل إلى أسفل. وإلا لن يتركونا ننام. الحياة مرة. الحياة مرة. سنرحل ونعود"
ويحل المساء، يرتفع القمر فوق الجبال. وتسري في المحيط أصوات الطيور وبعض الحيوانات البرية في طريقها للمبيت. لكن الأجواء ليست رومانسية في هذا الفضاء الرحب، فعشرات العائلات الفلسطينية تتأهب للرحيل مرة أخرى بقرارات عسكرية إسرائيلية موقعة من مستويات عليا في الجيش الإسرائيلي.
المالح، أو منطقة المضارب، التي تلونها الجبال الرمادية المخضرة في بداية الشتاء، بالنسبة لقيادة الجيش الإسرائيلي مراحا رحبا لتدريب الفرق الجديدة.
وهي بالنسبة للفلسطينيين الذين يرعون المواشي ساحة عذاب.
وهكذا، هي حياة احمد علي نجادة الذي سيرحل مساء عن مسكنه للمرة الرابعة، بعد إجباره على الرحيل لمرات متتالية خلال الأشهر القليلة الماضية. وقال عارف دراغمة رئيس مجلس محلي المالح الذي يضم المضارب الرعوية في شمال الأغوار "نحو ألف سيرحلون عن مساكنهم (...) ربما أكثر من ألف. كل هذه الجبال ستفرغ بعد ساعات".
ومد الرجل يده على استقامتها نحو سلسلة جبال بنى فيها نجاده وغيره من الرعاة مساكنهم المقامة من القصدير والخيش.
على طول الطريق المنحدر من أعالي السفوح الشرقية باتجاه منطقة الغور كان الجيش يحشد قواته وسط الحقول وعلى أطراف تلك الجبال. من على بعد يمكن مشاهدة مخيم صغير للرعاة يقع فيه نزل نجادة.
ويقوم الجيش الإسرائيلي منذ أشهر بعمليات تدريب عسكرية هي الأوسع منذ بداية هذا العام في مناطق واسعة من سفوح الضفة الغربية الشرقية... وقال نجادة فيما تحلق هو وبعض الرعاة حول نار أوقدوها على طرف وادي لغلي الشاي" نمنا ليالي كثيرة بعيدا عن فراشنا".
لحظات ترددت أصوات دوي إطلاق النار النيران في مناطق جبلية ناحية الغرب.
وتجري المناورات العسكرية الإسرائيلية في ساحات المنازل مع عدو وهمي من الكرتون والصخور, وقال دراغمة "وضعوا الأهداف في الجبال وقرب المساكن. لا احد يعرف اين ستسقط القذائف".
وكان بضع عشرات من رماة الجيش بدؤوا فعليا بنصب خيامهم وإطلاق النار صوب أهداف كرتونية على بعد كيلومترات قليلة من مضارب رعوية في منطقة البرج وهي منطقة أثرية بارزة.
على امتداد عدة كيلومترات جنوبا تبدو مناطق جبلية واسعة فارغة من السكان إلا من بعض المنازل الخيشية المتناثرة في المنطقة والجيش الإسرائيلي الذي يحيط بها. وتظهر عشرات الآليات المدفعية الثقيلة تصطف في مرابضها توطئة لبدء المناورات. وتسيطر إسرائيل على معظم الغور، وأقامت فيه مشاريع استثمارية زراعية كبيرة.
ويعيش سكان هذا المضرب هاجس أن يقضي احدهم برصاصة من بندقية أو بقذيفة تطلقها دبابة إسرائيلية.وقال نجادة" سنرحل ليومين متتاليين. مثل كل مرة. لا يمكن ان تتنبأ أين ستقع القذيقة".
خلال السنوات الماضية قتل وجرح رعاة كثر بسبب هذه التدريبات كما يقول سكان المنطقة. وقبل أسبوع أصيب طفلة صغيرة بشظية طلق ناري في منطقة الحمامات بينما كان تلهو في ساحة منزلها.
وتساءل نجادة عن طبيعة الحياة التي يكون فيها الأطفال في مرمى النيران. لذلك هو وغيرة من الرجال يفضلون الرحيل عن مناطق سكناهم لأيام معدودة على البقاء في مواجهة الرصاص.
الرصاص؛ انه العدو الشبح الذي لا يمكن رؤيته هنا في الأغوار. فإطلاق النار والقذائف قد يأتي من أي اتجاه. يحمل الرعاة في مناطق وادي المالح خارطة وزعها الجيش الإسرائيلي عليهم يظهر من خلالها المناطق التي ستكون مسرحا لعملياته.
لكن حتى لو التزم الرعاة وعائلاتهم بإخلاء المنطقة. قد تطير رصاصة طائشة وتصيب إحداهم حتى خارج المناطق المحرمة. "كان الرحيل مراً خلال الأشهر الماضية. لكنها هذه المرة أكثر مرارة" قال خالد الزواهرة وهو بدوي يسكن المنطقة منذ سنوات.
الوقت شتاء، والمواشي الآن تضع مواليدها، لذلك سيكون الرحيل صعبا، لكن لا مفر أمام عشرات العائلات من ترك منازلها، فالحياة هنا قد تكون بسرعة رصاصة طائشة.
وقال زواهرة فيما كان يتمتع بطقس مشمس ورائق وندي" سنرحل. سننتقل إلى أسفل. وإلا لن يتركونا ننام. الحياة مرة. الحياة مرة. سنرحل ونعود"