"رجل في السجن ورجل في الموت، أنا باق هنا".خان اللبن تفاصيل جديدة لم ترو بعد
خالد سميح ضراغمه،باق هنا مهما كانت التضحيات
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
محمد الرفاعي
خان اللبن حكاية صمود وتحد وصبر ومعاناة وتمسك بالارض لا ينفع معه اغراء المال ولا الاعتداءات المستمرة ولا خذلان الاهل والاحبة.انه بناء قديم بناه مهندس عثماني اسمه "جود" كان يستخدم كمخفر قبل خمسئة عام أُطلق عليه فيما بعد خان اللبن، آخرون من أهل قرية اللبن الشرقية، جنوب نابلس، يقولون إن هذا البناء كان ملتقى للحجاج للراحة فيه.كلاهما صحيح، فقد تحول المخفر الذي قصفته القوات البريطانية فيما بعد الى ملتقى للحجاج، ثم تحول الى ساحة حرب بين مستوطني "معالي لبونه" وبين صاحب الأرض خالد سميح ضراغمه الذي يُصر على التمسك بملكيته رغم إغرائه بشيك قيمته 15 مليون دولار وجواز سفر يتيح له الذهاب الى أية دولة يرغب بها.
تتشابه القصص في الشكل لكن مضامينها تختلف تبعاً لحجم المعاناة التي تزداد اتساعا كلما مرت الذاكرة على عام 1948، مرورا بالسنوات التي رافقها القتل والتهجير،الى أن توغل وحش الاستيطان ليمتد على مساحة عرق الفلاح الفلسطيني، فالقصة بتفاصيلها تذوّبها زحمة الأحداث ويكشفها تزاحم الخواطر، فمعادلة الموت أو السجن لا ثالث لها عند خالد ضراغمة (41 عاما) الذي يعيش في عمق أرض تعتليها مستوطنة استيطانية يسمونها " معالي لبونه" وتعني بمصطلحاتنا اللبن الفوقا.
تُروى القصص وتتداخل التفاصيل، وعنوان المرحلة لدى الغرباء "دفع الثمن" ،فما بين حرق للأراضي الزراعية والاعتداء على المزارعين وقطع الاشجار وسرقة الأراضي رواية خاتمتها إما تهجير المزارع من أرضه أو مفتوحة على المجهول بالنسبة للمزارع خالد ضراغمة الذي قال بعصبية:"قضيتي يجب أن تُثار، لكي يعرف العالم حقيقة اسرائيل، لا يهمني حجم التضحيات التي قدمتها، ما يهمني هو أن تُنقل الصورة بكل مآسيها."
يتحدث ضراغمة فيما عيناه تراقب الأرض التي يتوسطها المخفر العثماني، حيث كان يستخدم كمركز ثالث يغذي القوات العثمانية المنتشرة في فلسطين، حاول المستوطنون السيطرة عليه، حيث عرضوا على ضراغمة مبلغاً كبيراً من المال مقابل التنازل فقط عن هذا المبنى لتحويله الى كنيس يهودي.
يقول ضراغمة بهذا الخصوص:" حضر المستوطنون الى هنا، وعرضوا مبلغا كبيرا من المال للتنازل عن المبنى، وطبعا رفضت العرض، لذلك طلبوا أخذ غرفة واحدة من البناء العثماني لغرض الصلاة فيه مقابل عدم التعرض لي أثناء عملي في الأرض ولكني رفضت ايضا، بدأت بعدها عملية الانتقام تتواصل بشدة."
الحديث هنا لا يدور فقط عن المبنى العثماني القديم فقط، بل عن الأرض التي تمتد على مساحة 350 دونما يحوي جوفها بئرا ارتوازيا بناه البريطانيون زمن الانتداب بحيث تكفي مياهه منطقة نابلس بأكملها.
يواصل ضراغمة حديثه فيما سيارات المستوطنين تخفف سرعتها عندما تمرّ:" حضرت مجموعة من المستوطنين في احدى الليالي حيث كنت و زوجتي وأبنائي متواجدين ونعيش في هذا المبنى، وقاموا بخلع الباب علينا ورمينا في الشارع، وقاموا بالاعتداء على أحد أبنائي، تم نقله اثر ذلك الى المستشفى، ومكث أسبوعاً في العناية المركزة. في اليوم التالي حضرت مجموعة أخرى وحولوا حوض المياه الى مغطس، اضطررت الى إعادة عائلتي الى المنزل في قرية اللبن الشرقية فيما بقيت وحدي في الأرض، وعندما رأوني قاموا بالقاء الحجارة، وتدمير الأشجار ولم أترك المكان بل دافعت بكل قوتي، حضر الجيش وقال لي الضابط:" أخرج من المنطقة". قلت له: "أنتم من يجب أن يخرجوا من المنطقة، هذه الأرض لعائلتي وأملك أوراق ثبوتية ولن أخرج من أرضي مهما حصل".
يحتفظ خالد ضراغمة بأوراق تثبت ملكيته للأرض، فوالده ورثها عن جده واحتفظ بها ،وبدوره احتفظ خالد بالأوراق بعد والده، فهذه الأرض مسجلة من زمن العثمانيين ويوجد في "الطابو" اسم المهندس الذي بناه والذي يحمل اسم "جود" ولا يوجد – على حد قوله- أي أثر اسرائيلي في المنطقة ولا حتى روماني.
ويضيف ضراغمة: "منذ 15 عاما وأنا أعاني في هذه الأرض، استخدمت سلطات الاحتلال معي كل الطرق والاساليب، لكنهم فشلوا. تخاف اسرائيل من شيء إسمه إرادة، ولكن للأسف المستوطن عندما يأتي الى هنا لا يأتي وحده بل ضمن مجموعات ويقومون بالتكسير والتخريب."
يضع ضراغمة ابريق الشاي على الحطب وينظر الى المستوطنة المقابلة لأرضه، ويقول:"المستوطن الذي يعيش في هذا الجبل له راتب شهري وتأمين وسيارة مقابل أن يسكن هنا، ونحن واقعون في غيبوبة الله يرحمنا منها، وأنا ما بين خمس ملايين عايش في جزيرة لوحدي."
في أقل من عام أعاد ضراغمة زوجته وأبناءه للعيش في المخفر العثماني متحديا بذلك الموت أو السجن ويعيش على أمل أن يُترك بسلام.
يعود ضراغمة الى مواصلة العمل في أرضه، فالدمار والخراب الذي ألحقه المستوطنون به، والسجن الذي أبعده فترة عن أرضه وملاحقة أبنائه وسجنهم ومنعهم من الوصول الى الأرض لم يثن من عزيمة جبلت من التراب، وإرادة تزداد إصرارا مع كل محاولة للنيل من الأرض والانسان الفلسطيني، ولعل ضراغمة يختصر المسافة عندما قال: "رجل في السجن ورجل في الموت، أنا باق هنا".
عن وكالة النورس للانباء
zaمحمد الرفاعي
خان اللبن حكاية صمود وتحد وصبر ومعاناة وتمسك بالارض لا ينفع معه اغراء المال ولا الاعتداءات المستمرة ولا خذلان الاهل والاحبة.انه بناء قديم بناه مهندس عثماني اسمه "جود" كان يستخدم كمخفر قبل خمسئة عام أُطلق عليه فيما بعد خان اللبن، آخرون من أهل قرية اللبن الشرقية، جنوب نابلس، يقولون إن هذا البناء كان ملتقى للحجاج للراحة فيه.كلاهما صحيح، فقد تحول المخفر الذي قصفته القوات البريطانية فيما بعد الى ملتقى للحجاج، ثم تحول الى ساحة حرب بين مستوطني "معالي لبونه" وبين صاحب الأرض خالد سميح ضراغمه الذي يُصر على التمسك بملكيته رغم إغرائه بشيك قيمته 15 مليون دولار وجواز سفر يتيح له الذهاب الى أية دولة يرغب بها.
تتشابه القصص في الشكل لكن مضامينها تختلف تبعاً لحجم المعاناة التي تزداد اتساعا كلما مرت الذاكرة على عام 1948، مرورا بالسنوات التي رافقها القتل والتهجير،الى أن توغل وحش الاستيطان ليمتد على مساحة عرق الفلاح الفلسطيني، فالقصة بتفاصيلها تذوّبها زحمة الأحداث ويكشفها تزاحم الخواطر، فمعادلة الموت أو السجن لا ثالث لها عند خالد ضراغمة (41 عاما) الذي يعيش في عمق أرض تعتليها مستوطنة استيطانية يسمونها " معالي لبونه" وتعني بمصطلحاتنا اللبن الفوقا.
تُروى القصص وتتداخل التفاصيل، وعنوان المرحلة لدى الغرباء "دفع الثمن" ،فما بين حرق للأراضي الزراعية والاعتداء على المزارعين وقطع الاشجار وسرقة الأراضي رواية خاتمتها إما تهجير المزارع من أرضه أو مفتوحة على المجهول بالنسبة للمزارع خالد ضراغمة الذي قال بعصبية:"قضيتي يجب أن تُثار، لكي يعرف العالم حقيقة اسرائيل، لا يهمني حجم التضحيات التي قدمتها، ما يهمني هو أن تُنقل الصورة بكل مآسيها."
يتحدث ضراغمة فيما عيناه تراقب الأرض التي يتوسطها المخفر العثماني، حيث كان يستخدم كمركز ثالث يغذي القوات العثمانية المنتشرة في فلسطين، حاول المستوطنون السيطرة عليه، حيث عرضوا على ضراغمة مبلغاً كبيراً من المال مقابل التنازل فقط عن هذا المبنى لتحويله الى كنيس يهودي.
يقول ضراغمة بهذا الخصوص:" حضر المستوطنون الى هنا، وعرضوا مبلغا كبيرا من المال للتنازل عن المبنى، وطبعا رفضت العرض، لذلك طلبوا أخذ غرفة واحدة من البناء العثماني لغرض الصلاة فيه مقابل عدم التعرض لي أثناء عملي في الأرض ولكني رفضت ايضا، بدأت بعدها عملية الانتقام تتواصل بشدة."
الحديث هنا لا يدور فقط عن المبنى العثماني القديم فقط، بل عن الأرض التي تمتد على مساحة 350 دونما يحوي جوفها بئرا ارتوازيا بناه البريطانيون زمن الانتداب بحيث تكفي مياهه منطقة نابلس بأكملها.
يواصل ضراغمة حديثه فيما سيارات المستوطنين تخفف سرعتها عندما تمرّ:" حضرت مجموعة من المستوطنين في احدى الليالي حيث كنت و زوجتي وأبنائي متواجدين ونعيش في هذا المبنى، وقاموا بخلع الباب علينا ورمينا في الشارع، وقاموا بالاعتداء على أحد أبنائي، تم نقله اثر ذلك الى المستشفى، ومكث أسبوعاً في العناية المركزة. في اليوم التالي حضرت مجموعة أخرى وحولوا حوض المياه الى مغطس، اضطررت الى إعادة عائلتي الى المنزل في قرية اللبن الشرقية فيما بقيت وحدي في الأرض، وعندما رأوني قاموا بالقاء الحجارة، وتدمير الأشجار ولم أترك المكان بل دافعت بكل قوتي، حضر الجيش وقال لي الضابط:" أخرج من المنطقة". قلت له: "أنتم من يجب أن يخرجوا من المنطقة، هذه الأرض لعائلتي وأملك أوراق ثبوتية ولن أخرج من أرضي مهما حصل".
يحتفظ خالد ضراغمة بأوراق تثبت ملكيته للأرض، فوالده ورثها عن جده واحتفظ بها ،وبدوره احتفظ خالد بالأوراق بعد والده، فهذه الأرض مسجلة من زمن العثمانيين ويوجد في "الطابو" اسم المهندس الذي بناه والذي يحمل اسم "جود" ولا يوجد – على حد قوله- أي أثر اسرائيلي في المنطقة ولا حتى روماني.
ويضيف ضراغمة: "منذ 15 عاما وأنا أعاني في هذه الأرض، استخدمت سلطات الاحتلال معي كل الطرق والاساليب، لكنهم فشلوا. تخاف اسرائيل من شيء إسمه إرادة، ولكن للأسف المستوطن عندما يأتي الى هنا لا يأتي وحده بل ضمن مجموعات ويقومون بالتكسير والتخريب."
يضع ضراغمة ابريق الشاي على الحطب وينظر الى المستوطنة المقابلة لأرضه، ويقول:"المستوطن الذي يعيش في هذا الجبل له راتب شهري وتأمين وسيارة مقابل أن يسكن هنا، ونحن واقعون في غيبوبة الله يرحمنا منها، وأنا ما بين خمس ملايين عايش في جزيرة لوحدي."
في أقل من عام أعاد ضراغمة زوجته وأبناءه للعيش في المخفر العثماني متحديا بذلك الموت أو السجن ويعيش على أمل أن يُترك بسلام.
يعود ضراغمة الى مواصلة العمل في أرضه، فالدمار والخراب الذي ألحقه المستوطنون به، والسجن الذي أبعده فترة عن أرضه وملاحقة أبنائه وسجنهم ومنعهم من الوصول الى الأرض لم يثن من عزيمة جبلت من التراب، وإرادة تزداد إصرارا مع كل محاولة للنيل من الأرض والانسان الفلسطيني، ولعل ضراغمة يختصر المسافة عندما قال: "رجل في السجن ورجل في الموت، أنا باق هنا".
عن وكالة النورس للانباء