ما لم تكتشفه إسرائيل: الشجرة!
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
جميل ضبابات
ليست جميلة بما فيه الكفاية.. لكن من تحت هذه الشجرة الصحراوية، يمكن أن تدار مكالمة مباشرة مع شخصيات رفيعة جدا في الاتحاد الأوروبي، أو حتى مع أعضاء كنيست إسرائيلي.
وقد يتخذ موقف سياسي معين من قضية سياسية بامتياز في المحيط من قبل المفاوض صائب عريقات مثل إن 'ما جرى في خربة مكحول هو جريمة حرب، يسعى الاحتلال من خلالها لفرض إملاءات وأمر واقع على الأرض.
بكل بساطة إنها الشجرة التي يتخذ منها مجلس محلي فلسطيني نتيجة لظروف سياسية وأمنية مقرا له.
عندما عرض قائد محلي للجيش الإسرائيلي في المنطقة خارطة جوية، تظهر التجمعات التي يجري هدمها، لم تظهر شجرة السدر. الشجرة الجافة التي تدار من تحتها كل عمليات الإعلام والإتصالات والتخطيط لإعادة البناء الذي دمّره الجيش..
ومن هناك يمكن لمحامي يدعي توفيق جبارين تستخدمه الحكومة الفلسطينية أيضا، أن يعرض خرائط وأوراق قانونية سيتوجه بها إلى أعلى هيئة قضائية إسرائيلية لإعادة بناء المساكن المدمرة.
إنها في الحقيقة ليست شجرة واحدة، أن كل شجرة في الغور قد تؤدي الغرض المطلوب.
في حالة استثنائية في الأراضي الفلسطينية يشير رئيس تجمع رعوي تمتمد مساحته على مناطق تتجاوز مساحة اكبر مدينة فلسطينية إلا أن أصغر مجلس قروي يدير أكبر مساحة يقيم عليها بضع مئات من السكان هو ليس إلا شجرة سدر..أو في أفضل الحالات خيمة تضربها الريح من كل جانب.
عندما استقبل عارف دراغمة الذي يدير مجلس قروي المالح والمضارب الرعوية بعد انتخابات المجالس المحلية الأخيرة وفدا من أعضاء كنيست ودبلوماسيين دعاهم إلى المجلس المحلي: الشجرة.
' هذا هو المجلس القروي.. هذه الشجرة. أو أي شجرة أخرى في هذا الفضاء الرحب' قال دراغمة مشيرا إلى سلسلة من الجبال الرمادية التي تتخللها أجهزة رادار عسكرية إسرائيلية.
'استطاعت طائرات الاستطلاع وأجهزتهم الحديثة أن ترصد أن بناء جديدا لخيمة أو حظيرة مواشي، لكنها لم تستطع أن تعرف المكان الذي ندير منه كل شي دائما'.
انه هنا هذه الشجرة التي يمكن أن توفر ظلا ثقيلا مثلما توفر اكبر بلديات المدن الفلسطينية التبريد في الصيف الحار.' من هنا لا يلزم سوى ختم رسمي وحقيبة وقلم حبر'. قال دراغمة.
وأجريت انتخابات محلية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية. في وادي المالح وهي المنطقة الرعوية الواسعة فاز المجلس المحلي بالتزكية.
وتشير تقديرات رسمية إلى أن عدد السكان في هذه البقعة الجغرافية وصل خلال النصف الأول من العام الجاري إلى 862، فيما يبلغ عدد الذين يحق لهم الانتخاب 320 مواطنا يسكنون في أحياء (مضارب) بعضها يبعد عن الآخر نحو 15 كيلومتر.
لكن كيف يمكن لمجلس قروي أن يدير هذه المساحة بدون بناء؟
'ها ها ها. هذا ليس سرا. نحن ندير اكبر بقعة جغرافية في فلسطين لأصغر مجلس محلي واقل عدد سكان في أخطر نقطة احتكاك' قال رئيس المجلس.
وأضاف' أنا أدير منطقة تتعدى حدودها حدود أكبر مدينة'.
وتفصل جبال وأودية.. وتفصل معسكرات للجيش ومرابض للمدفعية بين عضو وآخر من أعضاء المجلس. 'كل هذا ليس مهما. أستطيع أن أجمع الأعضاء بسهولة عبر اتصال تلفوني' يقول رئيس المجلس. يمكن استخدام الدواب أو سيارة عابرة للتنقل عليها.
ويمكن استغلال مقر من خيمة في أي مضرب لتسيير أمور السكان، أو التواصل مع مؤسسات أخرى مثل المؤسسات الرسمية. هكذا يجري الأمر ببساطة عندما تنعدم البدائل الطبيعية في بناء مجالس محلية في منطقة تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية كاملة يكون فيها بناء خيمة من الخيش مجازفة كبيرة.
وتنتشر 'أحياء الخيش' على مساحات واسعة من الأرض ذات التضاريس الوعرة.. لا كهرباء ولا ماء ولا أي معلم من معالم البنية التحتية في المنطقة.
لكن بإمكان سكان المنطقة الوصول إلى مجلسهم المحلي بسهولة، فثمة إشارات له في كل مكان. انه اجتماع بضعة رجال في مكان ما في الخلاء.
أو ضوء قنديل خافت.
أو حتى مستعينين بضوء القمر.
في منطقة الحمامات وهي مقر معنوي للمجلس، يمكن للضيوف القادمين للمنطقة مشاهدة أكثر من 'لافتة' تشير إلى وجود 'مجلس محلي المالح والمضارب الرعوية'. مثل هذه الإشارة موجودة في مناطق متباعدة.
' لكن أي طائرة إسرائيلية مختصة لتحديد مكان المجلس لن تستطيع إيجاده. انه هنا. وهناك وهناك. انه في كل مكان تحت أي شجرة تحت أي خيمة في اي وادي' قال دراغمة.
رسميا هذا مجلس معتمد من قبل الحكومة الفلسطينية التي آثرت على إبقاء كل التجمعات الرعوية تحت سقف واحد نظرا لتباعدها في جبال ممتدة.
' هذا مجلس معتمد في منطقة ظروفها ونمط حياتها متشابه. هذه حالة مميزه وهو انجاز كبير'. قال طارق عمير مدير عام الحكم المحلي في محافظة طوباس والأغوار الشمالية.
ترى الدوائر الرسمية مثل الحكم المحلي أن فكرة إنشاء مجلس محلي وادي المالح فكرة ناجحة فوق هذا الامتداد الجغرافي الواسع جدا الذي يحده من الشرق نهر الأردن ومن الشمال حدود عام 1967 ومن الغرب سلسلة جبال تخفي وراءها مدن الضفة الغربية.
انه القانون الإداري في خدمة الجغرافيا أو قد يكون العكس. أو أنها نمط جديد من المجالس الصديقة للبيئة(الأشجار الخضراء)!.
هنا في الغور الممتد على طول الحدود الشرقية الملتهبة صيفا، عقد رئيس المجلس اجتماعه مع مستشارين قانونيين ومحامين فيما يحيط به عدد من الجنود الإسرائيليين.. وفي المحيط تسمع أصوات انفجار هائلة وإطلاق مستمر يذكر المجتمعين بالحالة العسكرية المستمرة في المنطقة.
' قد لا يرى العالم ماذا يجري هنا. لكننا ندير هذا العالم من تحت هذه الشجرة' قال دراغمة الذي عمل على تهذيب أغصان شوكية من الشجرة المجلس كي تتسع لأكبر عدد من المجتمعين والزوّار.
haجميل ضبابات
ليست جميلة بما فيه الكفاية.. لكن من تحت هذه الشجرة الصحراوية، يمكن أن تدار مكالمة مباشرة مع شخصيات رفيعة جدا في الاتحاد الأوروبي، أو حتى مع أعضاء كنيست إسرائيلي.
وقد يتخذ موقف سياسي معين من قضية سياسية بامتياز في المحيط من قبل المفاوض صائب عريقات مثل إن 'ما جرى في خربة مكحول هو جريمة حرب، يسعى الاحتلال من خلالها لفرض إملاءات وأمر واقع على الأرض.
بكل بساطة إنها الشجرة التي يتخذ منها مجلس محلي فلسطيني نتيجة لظروف سياسية وأمنية مقرا له.
عندما عرض قائد محلي للجيش الإسرائيلي في المنطقة خارطة جوية، تظهر التجمعات التي يجري هدمها، لم تظهر شجرة السدر. الشجرة الجافة التي تدار من تحتها كل عمليات الإعلام والإتصالات والتخطيط لإعادة البناء الذي دمّره الجيش..
ومن هناك يمكن لمحامي يدعي توفيق جبارين تستخدمه الحكومة الفلسطينية أيضا، أن يعرض خرائط وأوراق قانونية سيتوجه بها إلى أعلى هيئة قضائية إسرائيلية لإعادة بناء المساكن المدمرة.
إنها في الحقيقة ليست شجرة واحدة، أن كل شجرة في الغور قد تؤدي الغرض المطلوب.
في حالة استثنائية في الأراضي الفلسطينية يشير رئيس تجمع رعوي تمتمد مساحته على مناطق تتجاوز مساحة اكبر مدينة فلسطينية إلا أن أصغر مجلس قروي يدير أكبر مساحة يقيم عليها بضع مئات من السكان هو ليس إلا شجرة سدر..أو في أفضل الحالات خيمة تضربها الريح من كل جانب.
عندما استقبل عارف دراغمة الذي يدير مجلس قروي المالح والمضارب الرعوية بعد انتخابات المجالس المحلية الأخيرة وفدا من أعضاء كنيست ودبلوماسيين دعاهم إلى المجلس المحلي: الشجرة.
' هذا هو المجلس القروي.. هذه الشجرة. أو أي شجرة أخرى في هذا الفضاء الرحب' قال دراغمة مشيرا إلى سلسلة من الجبال الرمادية التي تتخللها أجهزة رادار عسكرية إسرائيلية.
'استطاعت طائرات الاستطلاع وأجهزتهم الحديثة أن ترصد أن بناء جديدا لخيمة أو حظيرة مواشي، لكنها لم تستطع أن تعرف المكان الذي ندير منه كل شي دائما'.
انه هنا هذه الشجرة التي يمكن أن توفر ظلا ثقيلا مثلما توفر اكبر بلديات المدن الفلسطينية التبريد في الصيف الحار.' من هنا لا يلزم سوى ختم رسمي وحقيبة وقلم حبر'. قال دراغمة.
وأجريت انتخابات محلية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية. في وادي المالح وهي المنطقة الرعوية الواسعة فاز المجلس المحلي بالتزكية.
وتشير تقديرات رسمية إلى أن عدد السكان في هذه البقعة الجغرافية وصل خلال النصف الأول من العام الجاري إلى 862، فيما يبلغ عدد الذين يحق لهم الانتخاب 320 مواطنا يسكنون في أحياء (مضارب) بعضها يبعد عن الآخر نحو 15 كيلومتر.
لكن كيف يمكن لمجلس قروي أن يدير هذه المساحة بدون بناء؟
'ها ها ها. هذا ليس سرا. نحن ندير اكبر بقعة جغرافية في فلسطين لأصغر مجلس محلي واقل عدد سكان في أخطر نقطة احتكاك' قال رئيس المجلس.
وأضاف' أنا أدير منطقة تتعدى حدودها حدود أكبر مدينة'.
وتفصل جبال وأودية.. وتفصل معسكرات للجيش ومرابض للمدفعية بين عضو وآخر من أعضاء المجلس. 'كل هذا ليس مهما. أستطيع أن أجمع الأعضاء بسهولة عبر اتصال تلفوني' يقول رئيس المجلس. يمكن استخدام الدواب أو سيارة عابرة للتنقل عليها.
ويمكن استغلال مقر من خيمة في أي مضرب لتسيير أمور السكان، أو التواصل مع مؤسسات أخرى مثل المؤسسات الرسمية. هكذا يجري الأمر ببساطة عندما تنعدم البدائل الطبيعية في بناء مجالس محلية في منطقة تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية كاملة يكون فيها بناء خيمة من الخيش مجازفة كبيرة.
وتنتشر 'أحياء الخيش' على مساحات واسعة من الأرض ذات التضاريس الوعرة.. لا كهرباء ولا ماء ولا أي معلم من معالم البنية التحتية في المنطقة.
لكن بإمكان سكان المنطقة الوصول إلى مجلسهم المحلي بسهولة، فثمة إشارات له في كل مكان. انه اجتماع بضعة رجال في مكان ما في الخلاء.
أو ضوء قنديل خافت.
أو حتى مستعينين بضوء القمر.
في منطقة الحمامات وهي مقر معنوي للمجلس، يمكن للضيوف القادمين للمنطقة مشاهدة أكثر من 'لافتة' تشير إلى وجود 'مجلس محلي المالح والمضارب الرعوية'. مثل هذه الإشارة موجودة في مناطق متباعدة.
' لكن أي طائرة إسرائيلية مختصة لتحديد مكان المجلس لن تستطيع إيجاده. انه هنا. وهناك وهناك. انه في كل مكان تحت أي شجرة تحت أي خيمة في اي وادي' قال دراغمة.
رسميا هذا مجلس معتمد من قبل الحكومة الفلسطينية التي آثرت على إبقاء كل التجمعات الرعوية تحت سقف واحد نظرا لتباعدها في جبال ممتدة.
' هذا مجلس معتمد في منطقة ظروفها ونمط حياتها متشابه. هذه حالة مميزه وهو انجاز كبير'. قال طارق عمير مدير عام الحكم المحلي في محافظة طوباس والأغوار الشمالية.
ترى الدوائر الرسمية مثل الحكم المحلي أن فكرة إنشاء مجلس محلي وادي المالح فكرة ناجحة فوق هذا الامتداد الجغرافي الواسع جدا الذي يحده من الشرق نهر الأردن ومن الشمال حدود عام 1967 ومن الغرب سلسلة جبال تخفي وراءها مدن الضفة الغربية.
انه القانون الإداري في خدمة الجغرافيا أو قد يكون العكس. أو أنها نمط جديد من المجالس الصديقة للبيئة(الأشجار الخضراء)!.
هنا في الغور الممتد على طول الحدود الشرقية الملتهبة صيفا، عقد رئيس المجلس اجتماعه مع مستشارين قانونيين ومحامين فيما يحيط به عدد من الجنود الإسرائيليين.. وفي المحيط تسمع أصوات انفجار هائلة وإطلاق مستمر يذكر المجتمعين بالحالة العسكرية المستمرة في المنطقة.
' قد لا يرى العالم ماذا يجري هنا. لكننا ندير هذا العالم من تحت هذه الشجرة' قال دراغمة الذي عمل على تهذيب أغصان شوكية من الشجرة المجلس كي تتسع لأكبر عدد من المجتمعين والزوّار.