سلاحف دار علي بني عودة
جميل ضبابات
إلى أي مدى يصل ارتباط السلحفاة بالإنسان؟
إذا كان الأمر يتعلق بدار علي بني عودة، فان الإحساس يتجاوز المألوف ليصل إلى الدرجة التي يمكن للسلاحف أن تميز صوت محرك سيارة رب العائلة عن غيره من أصوات المحركات الأخرى.
لو مرت أي سيارة من شارع فرعي أمام بيت الرجل في بلدة طمّون شمال الضفة الغربية، فان الأمر يبدو عاديا جدا...لكن بالنسبة لمجموعة كبيرة من السلاحف البرية يبدو الأمر مثيرا للانتباه إذا كان علي هو السائق.
فترفع السلاحف مختلفة الأعمار والإحجام رؤوسها للأعلى.. ولا تختبىىء داخل قفصها العظمي على عكس ما قد تفعله في البرية .
فهي تفتح أفواهها الصغيرة على اتساعها، انتظارا لوجبة الغداء اليومية.
فسلاحف دار علي بني عودة المدجنة، شديدة الإنصات لمحرك سيارة بيجو 306. وهي تميز المحرك عن غيره كما يقول أفراد العائلة.
في شمال الضفة الغربية استطاعت عائلة تعمل في الزراعة، أن تعمل على تدجين عشرات السلاحف البرية لسنوات طويلة، لتعيش حياتها بين أفراد العائلة وسط نظام عائلي بسيط.
إذا كنت في دار بني عودة، فطبيعي أن تتناول العصير أو القهوة في حديقة صغيرة جنبا إلى جنب مع عشرات السلاحف النشطة في تناول أوراق العنب أو الخس الغضة.
واقفين إلى جانب قواوير زرعت بأنواع مختلفة من الورود يعطي شابان اثنان السلاحف الورق، ورقة ورقة، وأنشطها يمكن أن تصل قبل غيرها لتقطيع الورق قبل هضمه.
وقال رضا' بدأنا بجمعها قبل 14 سنة. إنها تعيش هنا وسطنا، تأكل وتشرب وتنام'. ورضا عاش آخر سنواته مع عائلته الجديدة: مجموعة كبيرة من السلاحف البرية.
وتظهر العائلة قدرة كبيرة على تدجين السلاحف، فهذه الحيوانات البطيئة لا تبدي تمنعا في تناول وجبتها من بين أيدي أفراد العائلة.
وتعيش السلاحف في البيئة الفلسطينية إلى جانب عدد كبير من الحيوانات البرية، لكن عماد الأطرش الذي يقود مؤسسة تعنى بالحياة البرية يقول إن 'السلاحف مهددة بالانقراض من فلسطين'.
وحسب الأطرش، ثمة ثلاثة أصناف من السلاحف تتواجد في الأرض الفلسطينية، لكن الموجودة في دار بني عودة، تظهر في حالة جيدة جدا.
وقال رضا' إننا نطعمها يوميا. أعتقد إنها سعيدة جدا هنا'.
يردد المعنى ذاته شقيقه.
وتربية السلاحف أمر نادر في الأراضي الفلسطينية، وبعض الفلسطينيين في القرى يبقون على أي سلحفاة في الجوار، ظنا منهم أنها تجلب الحظ السعيد.. لكن عائلة بني عودة تبقي عليها بعد التقاطها من أطراف الطرقات أو من الجبال حفاظا عليها من عجلات السيارات أو من أيدي بعض الصبية الذين يكسرون ظهورها.
وقال علي' بدأت جمعها منذ 14 سنة. العام الماضي وصل عددها إلى 70 وعندما فقس البيض وصلت إلى 200، لكننا فقدنا الكثير منها'.
وأمكن مشاهدة بيض وضع لتوه داخل الحفرة قبل أن يساعد علي سلاحفه في طمر التراب فوقها. وتظهر أحجام مختلفة من السلاحف.
لقد كان عمر بعضها عندما نقلت إلى المنزل من البرية نحو 10 سنوات كما قالت العائلة.
وعلى العائلة التي يستطيع أبناؤها التمييز بين السلحفاة الذكر والأنثى أن تراقب خصوصية حياة سلاحفها جيدا، فبعض الصبية يعمدون إلى إيذائها. مادا يده على استقامتها كان صائب يحاول إيصال ورقة عنب إلى فم صغير يشبه فم الأفعى قال' إنها لطيفة جدا. هذه سلحفاة كبيرة جدا'.
وتمد السلحفاة التي تبدو الأكبر حجما فمها إلى يد الشاب لتبدأ بتقطيع ورقة العنب. وقال علي' إنها تحب الورق العريض. ويمكن لسلحفاتين أن تتشاركان أكل ورقة عنب، لكن تظهر واحدة تفوز بالورقة بعد الاستيلاء عليها.
والشابان اللذان يجلسان وسط صفوف مكتظة من السلاحف يظهران وهما يحملان سلاحف صغيرة لإطعامها بعد أن حولا كفوفهما لما يشبه الأطباق. وقال رضا' حتى هذه الصغيرة تحب ورق العنب'.
إن السلاحف مذهلة عندما تخضع للتدجين، فهي تعيش في نظام طبيعي فرضته ظروف الحياة مع الإنسان. فعندما يقدم أفراد العائلة الماء في وعاء حديدي بعد وجبة الغداء تتوجه السلاحف البطيئة بأقصى ما يمكنها للوصول برأسها إلى الماء.
وأيضا تخضع لقوانين التزواج.
فعندما بدأ ذكر بضرب أنثى سمعت قرقعة عظام الظهر. قال رضا' إنها مرحلة التزواج' ومن المفترض أن يفقس بيض السلاحف في أيلول القادم شاقة طريقها إلى الحياة من تحت التراب إلى الحياة في عائلتين كبيرتين: السلاحف ودار علي.
مشيرا إلى أربع بيضات قال رضا' سيكون في بيتنا سلاحف. سلاحف جديدة'.
ــــــــــــــــــــــ